فيزياء الكم مابين المنطق والخيال

د. محمد السيد السّكي | استشاري تحاليل طبية وكاتب وروائي مصري

med.nile4@gmail.com
إن نظرية الكم هي التي تتناول سلوك الجسيمات الصغيرة وتدرسه، ولقد أدخلت نظرية الكم وروادها الأوائل العقل الجمعي العلمي في صراع ومكابدة، ففي كل زفير له تلطمه في كل لحظة آهات المنطق و تنهيدة الخيال وآفاقه.
ولقد خاض نيلز بور – أبو نظرية الكم – صراعاً مريراً مع أفذاذ المشهد العلمي حينئذ. فلقد رفض اينشتاين أفكاره و وصفها بأنها أوهام تعطي لنا مقاربة واهية ومقامرة دائمة، وزين اينشتاين كلامه ذلك بمقولته المشهورة “ان الله لا يلعب بالنرد”. وذلك تصريحاً من اينشتاين بأن قوانين الله الفيزيائية محكمة تتصف بالاستقرار والعموم والشمول.
وسأعرض هنا نبذة بسيطة عن أفكار متبني نظرية الكم، وكيف تعرض لنا فهماً جديداً لسلوك الكون وجسيماته، وكيف نستلهم منها معانٍ جديدة تكسر حاجز المنطق والنمطية والمعقول، وتحلق بنا نحو سحابات من الخيال تتساقط منها أمطار نراها إنها نار ولكنها في الحقيقة هي برد وثلج، وتحطيم لثوابت الطبيعة ونمطية التفكير.

أولا: ( تجربة الشق المزدوج) :-
فعند وضع حائل ذي فتحتين صغيرتين أمام مدفع إلكترونات، وبملاحظة سلوك تلك الإلكترونات من خلال استقبالها بعد عبورها من الشق المزدوج على فيلم حساس فقد تم ملاحظة أنه عندما تكون طلقات المدفع متسارعة فإن سلوك الالكترونات يكون بهيئة موجات تظهر على الفيلم الحساس. أي أن الالكترونات ذات الطبيعة الجسيمية والموجية المزدوجة تختار السلوك الموجي في حالة الطلقات السريعة.. وعند وضع كاميرا مراقبة قبل مرور الإلكترونات المتسارعة عبر فتحتي الشق المزدوج فقد لوحظ أن الالكترونات تظهر على شكل جسيمات على الفيلم الحساس. وعند وضع كاميرا مراقبة بعد الشق المزدوج تظهر أيضا الإلكترونات في شكل جسيمات على عكس المتوقع والسلوك المنطقي أي أن الالكترونات تشعر بأنها مراقبة فتغير من سلوكها الموجي وترجع إلي الماضي وتظهر على شكل جسيمات مما يعني ذوبان مفهوم الزمن وتداخل المستقبل مع الماضي.

ثانيا : (الترابط الكمي) :-
عند فصل إلكترونين أو فوتونين مترابطين عن بعضهم فان ثمة اتصال بينهم وكأنها لغة حوار بينهم تجعلهم يشعرون ببعضهم في نفس اللحظة حتى لو كانت المسافة بينهم بعد فصلهم مليارات السنين الضوئية.. الامر الذى جعل اينشتاين يعترض بشدة إذ أنه يفترض أن سرعة الضوء أسرع مايمكن، فكيف لتلك الجسيمات ان تتصل مع بعضها وبأي سرعة تم هذا الاتصال… والغريب أن التجارب أثبتت صحة الترابط الكمي وإن اينشتاين لم يكن محقا..
مما سبق عرضه يتبين لنا ان الجسيمات الصغيرة وكأنها تشعر وتحس وتراوغ محطمة المفاهيم الكونية الثابتة لدى علماء الفيزياء وفاتحة آفاقاً للتداخل مع علوم بيولوجية الأعصاب لإنتاج مقاربة خارجة عن المألوف لفهم الوعي البشري.. لقد تحطمت مفاهيم المنطق و الزمان مع نظرية الكم مزيلة الصدأ المتراكم على أفكارنا اللاهثة وراء المنطق واستحضار مفهوم الخرافة لكل ماهو غير منطقي بالنسبة لها.. فها هي الخرافة تصبح الحقيقة ويقبّل المنطق الخيال !!.
ان اتجاه الحركة المغزلية لذرة الهيدروجين يكون باتجاه عقارب الساعة او عكسها اعتماداً على تفكيرك انت؟!
فثمة تأثير ما بين أفكارك وبين حركة الجسيمات التي تشكل نواة بنية الكون..
أن أفكارك التي يرسلها لك الكون لهي التي تشكل بذرة أفعالك، فتشبث بحديث كونك واسقيه من صادق عزمك ونيتك !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى