أيهم وشأس كممجي

بقلم: خالد جمعة
[شأس تعني الخَشِن مِنَ الْحِجَارَةِ وَقِيلَ الغَلِيظ منها]


حين طارد أيهم كممجي فكرة الحرية، ونجح مع رفاقه في اختراق زوبعة الفنجان التي تدعى “الأمن الأكثر حرفية في العالم”، قال الكثير من الكلام الذي يصلح لأن يخططه ساهر الكعبي على لوحات لتعلق على جدران المنازل، تماما مثل لوحتي سليمان منصور “جمل المحامل”، و”لينا النابلسي”، وفعل هذا فعله في الضابط المقهور، بالعامية “اللي تعلّم عليه”، فحمل في صدره حملا جديدا من الغيظ التوراتي، فكيف يجرؤ سجين محاط بالفولاذ والجنود على التفكير في الحرية، فجعل أيهم الحرية وكأنها قطة بيتية، يبسبس لها، فتأتي وتتمرغ في حضنه.
قال إن واحدا من أسباب خروجه، هو زيارة قبر أمه، التي توفيت ولم يكن قادرا على وداعها، وهل لسجين فلسطيني سياسي أن يشارك في جنازة؟ هذا فعل إنساني، ولا يمكن أن نسمح لسجين من هذا النوع بفعل إنساني… هكذا تفاخر الضابط ذاته أمام الضباط الآخرين المعجبين به.
حمل هذا الضابط غيظه [الجميع هم نفس الضابط]، وتوجه إلى جنين، لا بد أن أحرق ذاكرة أيهم، وأصنع لأخيه قبراً آخر بجوار قبر والدته، ولو استطعت لصنعت قبورا لكل العائلة، ولو استطعت أكثر لصنعت قبرا واحدا لكل الفلسطينيين، فأنا ابن الرب الذي وعدني بلسانه أن أكون، ولا يكون الآخرون إلا عبيدي أو قتلاي.
استشهاد شأس كممجي ناتج من خلطةٍ دمويةٍ لفكرةٍ قديمة، مع نثار التجاهل الذي صبّ في أرواح البشر [بشر مجازيين]، بينما ينام جسده على الترابِ حالماً وحاملاً مقلاعه الوطني في روحه، ما زال الضابط خائفاً، فهؤلاء لا يؤتمنون ولو بعد موتهم بأربعين عاماً، ما زال يتلفت حوله، لأن ألف شبحٍ في الهواء يدورون حوله دون أن يراهم.
لك العزاء وله الرحمة يا أيهم، يا صديقي الذي لم أعرفه من قبل، وإن كنت لا تعرف، فقد أصبحتم [ستتكم] جميعاً أصدقاء لكل من كانت فلسطين تعني له شيئاً، أما شأس، فقد صار صديقاً لعلم الدين شاهين، ولأبي جهاد، ولغسان كنفاني، والبقية الباقية… ويا لها من صداقة يا صاحبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى