نشيد الموجود الكونيّ
وليدة محمد عنتابي | سوريا
ناديت ربّي فانبرى قلبي |
متجلّياً في كونه الرّحبِ |
نادانيَ: عبدي بك أغدو |
عين البقاء ومنتهى الأربِ |
حتى تماهت في خلائقه |
روح الأثير ودورة الشّهبِ |
نارٌ تهادتْ في مجامره |
فزغرد الصّلصالُ في الّلهبِ |
وعببت كأساً من شمائله |
هذي الحُميّا بأمّيَ وأبـي |
مواجدي من بئرها صعدت |
ترقى النّجوم بغير ما ركبِ |
لي مقلةٌ في بابكم شخصتْ |
حين احتواكم سادراً لبّي |
يا غائباً في القلب يحضرني |
نسغاً سرى في عروة الثّوبِ |
حين امتزجنا صِرْفَ داليةٍ |
رقّــت بنـا تـحويلة العنبِ |
فالكون جنّاتٌ بها تجري |
سُبُـــلُ الحُميّا فورة الحبَبِ |
ياذروةً في الحلم أغدو بها |
سناً تبـــدّى مشرق الذّهبِ |
يا نشوةً في الرّوح عابقةً |
وقطـرةً تنـثال من هُدُبي |
إمّا انصهرنا في تواجدنا |
صرنا كياناً صبَّ في صَبِّ |
وتجلّتِ الأكوان ساجدةً |
لربّها زُلْفى بأمر نبي |
للواحد الكونيّ يرفعني |
عتْقٌ تفجّر في مدى صلبي |
يا ذات ذاتي في تعاليها |
سبحان ذاتٍ تجتلي غيبي |
فيك الفناء والبقاء معاً |
وأنت عين البُعد والقربِ |
يالجّةً في الموت أعبرها |
وإنْ يلجّ الموت في طلبي |
ريثى تدبُّ النار في هُجُسي |
لكأنها ثلجٌ على رُطَبِ |
حتى استوى في النفس باطنها |
وظاهرٌ شطّتْ به نُوَبي |
إلــيـك لا ناراً أُجانبــها |
ولا نعيماً أرتجي ربّي |
يا من تقاصى في تحجّبه |
عن العيون السّرُ في الحُجُبِ |
أنت النّديم وإنني بحرٌ |
فإنْ جرعت تجدُّ في طلبي |
هبْني حياتي كيفما أرجو |
واستلّها من بعدُ بالغضبِ |
نعيم روحي في تشرّدها |
وشفاء نفسي مطْلَقُ الكُتُبِ |
هبني مسيراً لا محطَّ به |
بُعْداً تناثر في مدى الدّربِ |
فكأنّما الموتُ الذي تَعِدُ |
موتٌ وَلودٌ أخضرَ العشبِ |
وكأنّما الحيُّ الذي بدمي |
حيٌّ تلاشى آخر الرُّتَبِ |
علّقت شجوي فوق ساريةٍ |
وأهبتُ بالأمواج: فاصطخبي |
حتى تمطّرت منها نوارسها |
غيث السهول بغيضة الكثبِ |
قطّرت بوحي في قراطيسٍ |
ومزجت فيها الحُبّ بالحَبَبِ |
وجرعتُ حتى شفّني وجدي |
وشـــكا لقلبي لوعة اللّهَبِ |
كشْفٌ تسرّى في تستّره |
سرٌّ لذي الألباب لم يغِبِ |
والنار وجه الثلج كامنةٌ |
في الظّل فانظُرْ أيَّ منقلَبِ |
واليانع الرّيان ليس سوى |
ذكرى ستغدو لمقبل الحطبِ |
و اليائس المستلّ حُفرَتَهُ |
من عمقها في ثوب منسرِبِ |
خطٌّ على الأيام تسحبه |
عوْداً على بدْءٍ بوجه صبي |
في راحتي وقتٌ يخاتلني |
متـــسربلاً ببريقه القشِبِ |
حيناً يخبئ وجه مرتدٍّ |
لما مضى من أمسه الذّرِبِ |
حيناً يناور سهم ثانيةٍ |
أتت ترود الّليلَ كالشهُبِ |
يغدو الظّلامُ شِقَّ أُحجيةٍ |
حين الضّياء وجه مغتربِ |
إنّ الزمان محض عابرةٍ |
للوهم فيها شبه منتسب |
يا حبّذا النّور الّذي أحيا |
سُقْم المريد المدنف التّعِب |
في سُدْرةٍ ترقى سلالمها |
روحي فتجلو ظلمة السُّحُبِ |
نشوى بهاءٍ في تجدّدها |
بات الأليف بزِيِّ مغتربِ |
أجوتْ فؤاداً في مكابدةٍ |
والكأس مرهونٌ لمرتغبِ |
يا وحدةً قد بتُّ أرقُبها |
يـــوماً فيوماً آنسَتْ قُرْبي |
ركباً بهيّاً في تهودجه |
يسري بوجدي جائزاً خطبي |
كم متُّ موتاً لا مثيل له |
فــي كلّ نــبضٍ دونما سببِ |
منْ بعدُ أحيتني رؤى ألَقٍ |
إمّا وصلتُ لسُدْرة الطّلب |
وعرفتُ أنّي والوجود معاً |
حالاً تجلّى لي فيا عجبي |