الثبات على الطاعة بعد رمضان
بقلم ــ محمود الحسيني
بالأمْسِ القريب كنا نَسْتقبلُ رمضان بشَوْقٍ وفرَح وسُرور، وهَا نحنُ نُوَدّعُهُ بحُزْنٍ وألَم، وأمَلُنا في الله كبير، ورَجاؤُنا منه سبحانه أنْ يَتقبَّلَ مِنّا الصّيامَ والقِيامَ، وأنْ يُثيبَنا على الذِّكْرِ وقِراءة القرآن.
فرمضانُ سُوقٌ انتَصَبَ ثم انْفَضّ، رَبِحَ فيه مَن رَبح، وخَسِرَ فيه مَن خَسِر، رَبح فيه الصائمون القائِمون الذاكِرون السّابقون بالخيرات. وخَسِرَ فيه الغافِلون السّاهُون اللَّاهُون المقَصّرون.
فَهَنِيئاً لمنْ صام رمضانَ إيـمانا واحْتِسابا، فغُفِرَ له ما تَقَدّمَ مِنْ ذَنبه. وهَنيئاً لمنْ قام رمضان إيـمانا واحتِسابا، فغُفِرَ له ما تقدّمَ مِن ذنبه. وهَنيئاً لمنْ قام ليلةَ القدْرِ إيـمانا واحتسابا، فغُفِر له ما تقدم مِن ذنبه.
هنيئا لمن قضى أيام رمضان في طاعة الله، وأحيا لياليه في مرضاة الله.
هَنيئاً لمن خرج من رمضان وقد تطهر قلبه من كل الأمراض والأدران، وتعودت نفسه على الطاعة والمعروف والإحسان، وتغيرت حاله إلى أحسن حال.
هَنيئاً لمن خرج من رمضان وقد غُفِرَتْ ذُنوبُه، وكثُرَتْ حَسناتُه، ورُفِعتْ دَرجاتُه، وأُعْتِقتْ رقبَتُه، هنيئا لمن قبِله ربه وقرّبه وأدْناه، ومن كل خير وجميل حلاّه.
ويا حسرتاه على من أبعده ربه ورده، ومقته وقلاه، يا حسرتاه على من ضيع أيام رمضان ولياليه في لهو ولعب، أو في نوم وكسل، أو في معاص وذنوب.
فيا من تعلمتَ الصبر في رمضان على طاعة الله؛ اصبر على ما يُرضِي الله حتى تلقاه وهو عنك راض. وإياك أن تعود إلى التقصير والتفريط في طاعة الله بعد رمضان.
يا مَنْ ربيتَ نفسك على الصيام في رمضان؛ لا تَحْرمْ نفسَك من الصيام تطوعا وتقربا إلى الله بعد رمضان، فبابُ التطوّعِ مَفتوح، واعلم أن الصيام وقاية لك من النار.
يا من كنتَ تحافِظ على الصلوات في رمضان؛ إياك أن تترك الصلاة بعد رمضان، وإياك أن تضيع الصلاة بعد رمضان، فهي صلة بينك وبين خالقك ومولاك، واعلم أن طريق الفلاح في المحافظة على الصلوات.
يا من كنتَ تلازم الذكر في رمضان؛ إياك أن تهجر ذكر الله بعد رمضان، واعلم أن ذكر الله حياة للأرواح وطمأنينة للقلوب.
يا من كنتَ من أهل الإحسان في رمضان؛ إياك أن تقطع إحسانك وإنفاقك عن إخوانك من المحتاجين بعد رمضان، أحسن كما أحسن الله إليك، أنفق ينفق الله عليك.
فاللهم اختم لنا رمضان بالفوز برضوانك، والعتق من نيرانك، اللهم اجعلنا ممن صامه وقامه إيمانا بك واحتسابا، فغفرت له ما تقدم من ذنوبه وآثامه، يا أرحم الراحمين.