المغادرة.
حميد عقبي | اليمن – باريس
بمرارة يحاول أن يعيدها عن قرار الفراق، يتلعثم وهو ينظر إلى صورة صغيرة لها على الجدار، بلع ريقه:ـ لن أكرهك أبدا، ساكره هذه اللحظة التي تخطو خطواتك بعيدا..صورتك المعلقة هنا لن تجعلني أحسُّ بلحظات فراقك لليلة أو ليلتين ولكن ماذا سأفعل بعد ذلك؟
هي أيضا لم تكن سعيدة تماما، تحاول التظاهر بانها أمراة صلبة في موقف يصعب على الجميع، تتنهد رغم محاولاتها اخفاء هذا الشعور في مثل هذه اللحظات:ـ
أنت لست طفلا، نعم غيرت في حياتي أشياء كثيرة وسوف أحاول نسيانها، التقينا ذات خريف بارد وعاصف فكان أجمل ربيع عشناه، كنا نظن أن الله خلقنا الواحد من أجل الاخر.. لكن خلاص، لنطوي الصفحة بشجاعة.
هنالك وداعات نضطرإليها تكون فراقا مؤلما وتكون المغادرة بوخزات رماح الموت الذي يتلذذ بنا ولا يجعل الروح تذهب في سلام.
كانت أول خطوة لها إلى الباب بكعبها العالي ثقيلة كأنها تخطو وسط حقل الغام ، ظنها للحظة ستتراجع مسرعة نحو أحضانه، لكنها لم تتراجع هذه المرة، جمعت كل قواها، نظرت نظرة وداع كأنها تترك وطنا خربا، كل شيء كان جافا وساكنا ، تحركت هذه المرة بسرعة دون أن تلتفت إلى الوراء.
المكان أصبح خاليا من دونها، هو ظل دون ردة فعل، يعجز عن فهم الشعور الداخلي الذي ينتابه اللحظة، تتدخل الريح لتحرك المشهد وترسم نهايته بركلها النافذة، يسقط اطار الصورة المعلقة على الجدار .