الأسرة المصريه والصحة النفسية
د. سلمى حبيب | دكتوراه في علم النفس الاستشاري
عضوه في الجمعيه الأمريكيه لعلم النفس
شرُفتُ بحضور الندوة الاولى من سلسلة ندواتٍ تُعنى بالأسرةِ المصريّه وحمايتها في مبنى جريدة الأهرام. أُطلِقَت مبادرة “معاً لحمايةِ الأسرة المصريّه” على يد الدكتوره إنجي فايد والدكتور حسام لطفي والدكتور عبد الله النجّار في إطار مبادرات السيّد رئيس الجمهوريه لتنمية الاسرة المصريّه. تحدّث الينا الدكاتره المذكورون أعلاه كلّ في تخصّصه موضحين أسباب تأسيسهم المبادره وأهميتها. أوضحت الدكتوره إنجي فايد وهي كبير أثريين بوزارة الآثار، أستاذ مساعد الآثار ومدير التنميه الثقافيه الأثريّه سابقاً، انّها استقت فكرة المبادره من مصر القديمه وتحديداً من برديّات وثّقت التعاقد بين الرجل والمرأه في الزواج. أكّدت د. فايد ان المصري القديم تعاقد مع زوجته على صونها وحمايتها وإسعادها طوال حياته. تابعت د. فايد القول بأن الاسلام يمنح المرأه ذات الحقوق بينما لا نجد قانون الاحوال الشخصيه يطبّق هذا العدل وهذه الرحمه بصورة متكامله.
من وجهة نظري كاستشارية نفسية فإن معايير اختيار شريك الحياه تحدّد طبيعة العلاقه الزوجيّه ومصيرها! تشمل معايير الاختيار إيجاد الطرفان ما يجمعهما من طموحات واهداف ومبادئ واخلاقيات بالاضافه لتشابه في الشخصيه يشمل الاقبال على الحياة، احترام الآخر في وجوده أو عدمه، الثقه الكامله والاحساس بالأمان داخل العلاقه الزوجيّه! حبّذا لو سعينا لبناءِ انسانٍ سويّ نفسيّاً وذهنيّاً وتجهيزه لِما هو مُقبلٌ عليه حتى نقلّل احتمالية أية خسائر مستقبليه في حال وقوع نزاع!
طُرح في الندوه موضوع الحضانه في حال الانفصال الذي ينصّ القانون على انه ١٥ سنه. وهنا أود لفت النظر الى أن ترك المراهق لكل ما ألِفَه ووفّر له الاستقرار على مدى سنواتِ من الممكن أن يؤدّي الى اضطرابات نفسيّه حادّه! بناءا على ذلك، أتقدّم باقتراح الغاء سن الحضانه تماماً وأن يكون متغيّراً بحسب كل حاله. يقوم اخصائي نفسي مُتّفق عليه بمقابلة الطفل أو المراهق لجلسات استشارية محددة وتقييم حالته الذهنيه والنفسية. يوضّح التقرير النفسي الشامل حالة الطفل والأم والأب وتأثير نزاع الاخيرين على طفلهما. بالاضافه الى ذلك، يضم التقرير توصيات بشأن حضانة الطفل او المراهق التي تبني عليها الجهات المعنيّه قرارها.
انفصال الزوجين لا يعني اختفاء أحدهما من حياة اطفالهما! لقد اختار الزوجان الارتباط ومن ثمّ الانفصال بينما لم يختر طفلهما شيئاً. رؤية الطفل لوالده أو والدته بشكل مستمر وخالي من التوتر من أهم العوامل التي تحافظ علي سلامة الطفل النفسيّه! أوصي بعدم تحديد عدد ساعات الرؤيا ودراسة كل حالة على حدي. إن استمرار النّزاع بين الزوجين أو حرمان الطفل من أحدهما له عواقب وخيمه وخطيره على صحة الطفل النفسيه! من المحتمل أن يكبر هذا الطفل ليصبح ناقماً، غاضباً، عنيفاً، متنمّراً، لا يجيد الحوار ولا الاختيار! في حالات اخرى، يصبح هذا الطفل انساناً هشّاً فاقداً للثقة بنفسه ومقلّلاً من شأنه وباحثاً في اختياراته عن الأمان حتى يجد أماناً مزيفاً في صورة ذئب لبس ثوب حمل!!!
في الختام، أدعو كل من يهمه الامر أن ينضمَ لداعمي مبادرة “معاً لحماية الأسرة المصرية” لكي نساهم في رفع الوعي المجتمعي لأهمية سلامة الاسره المصريه بجميع أفرادها! أدعو أيضا الى القاء الضوء على الصحة النفسيه للاسرة من خلال تثقيف أفرادها وجعل الاتزان النفسي أمام أعين الجميع، غايةً ووسيلة لمجتمع اكثر سلامه!