الساعة الراقصة

عمارة إبراهيم | شاعر وناقد مصري
هي الساعة الراقصة تئن
تبعثر ترتيلها نحو غيم
يجيء ولا ترتوي ساحة الانتظار
تشاكس في موج رناتها ضوء حالي
وترمي إلي النهر روحا
تراقص في جمرها لغة في المنافي البعيدة
تحاور ريحا
تنام وراء طموح الجنون
وتضرب نخب الصباح
فتجمعني لحظة من يقيني
أغادرها
حين ينتعش الصمت عند انتصاب الغروب علي الطرقات المباحة
وحين يجاورني خوفي الممتطي ألمي
بين حنجرة الريح في مشتهاه
يصافحني هيكل من تواريخنا
في سياقات طل المدن
وفي طلعة
أيقنتها متاهات بحر
لم تنم في مداراتها
حين ترتجف العاصفة
تزيد مضاربة الانتحار
علي متن ذاكرة
لم تزل فارغة
هي الساعة الراقصة
تعبئ وقتا
تعبئه بين أعمدة من رخام
تجمعه فوق سرج الخيول
التي تمتطيها عواصف، ترمي شباكا
وتصطاد من حقلها مهرجان التفاصيل
تلقي ببهجتها في الخزائن
يباركها صخب الاحتجاجات
تنجز من طلعتها الموت والتيه
ألوانا من بهجة لا تضيء سوي قاعة
رتبتها مخيلة الباحثين عن الاحتفال
بأحزان أرصفة للموانئ
حين تزاحمنا مفردات بقايا خطي
شاغلتها ظلال لهم
مارست فيهم اللهو والسحر
فصل حدود تواريخهم
عن تطلعهم نحو سيارة العولمة
هي الساعة الراقصة
تساقط أعوامنا فوق أرصفة
نشتهيها ولا نعرف القادم المتواري بدقاتها
تعانق أنفاسنا في الزحام
ترتب دولاب همس المسافات في غابة المدية العاهرة
تطارحها موجة بعد موجة
ومن صراخ الفراغ الذي أدمن الارتقاء علي حافة الاحتياجات
في مستهل الخسارة
ولا بادلت عاصفات الحياة مراسم تدشين البقاء
علي قمم الروح في صحن عهر الجسد
ولا تعرف الشيء من طلعه
مسافاتها في خلايا الحروف التي
رسمتها قيامة وعي
يسابق ذات التأمل
حين النجوم تمارس سطوتها فوق أرض
تعيد انشقاقاتها، كلما أنتجت قلقا جوهريا تكاثر
هنا في صباحات خبز النهار
نشيد في ساحة الانتظار هواجسنا
عن صقيع وريح تغافلني حين تخبو
تقيم نباح الدقائق عن شارع
مر فيه عساكر ممن يجيدون ترويض أرجوحة
أرهقتها مآسي الصواعق وقت ارتعاشة نزف الألم
هي الساعة الراقصة
تحاور أجراسها
كلما أرهقتنا مضادات ذاكرة المفلسين
أمام تقاعد نهر الخيال
علي ذات أبوابنا
فتنجز ميقاتها فوق أرفف تأريخنا
ترتبه فوق مسطبة من توابيت عرش قديم
عليه يقيمون حاضرهم
وقت إعلان تنصيب أرملة النهر
فوق صباحات أطروحة
يجمعون عليها حروفا دخانية
صافحتني، وألقت موائدها في حدودي
يقيمونها في الدروب كأوردة
من دم الأسئلة
وظائفنا شاغرة
مصابيحنا
أعلنت زيفها
رتبت انطفاءاتها فوق جسر
يزف انحناءاته لقطار
يفوت علي جثة الأرض والنافذة
يواري مصائرنا بين دقات أجراسه
لحظة الاختبارات والأجوبة
صراخ الحدائق فوق المحطات لملمنا
في تفاصيل مملكتي المتعبة
هي الساعة الراقصة
علي غفلة من تطلعها
نحو منتجع للشراء أو البيع
دبت إشارات رعب الطيور علي ذات أبوابنا المغلقة
تماوج ريحا، تحاصر نار تطلعها وقت تدبير قوت الإغاثة
في محنة الاحتجاجات في قبضة الغرف الضيقة
تطاردها موجة بعد موجة
وجمهرة من هتافات قطعان جمهور صحو المدن
وهم يرتدون القناعة من عتمة الصورة الغامضة
مسافاتهم تتشابك فيها غرائزهم
حين يستبدلون حماساتهم باشتعالاتها
فوق مائدة
ينفضون عليها غبار خريف طويل
يلوح مستيقظا بانحدار
سيمتد نحو مراسم تدشين بيع الألم
هي الساعة الراقصة
تقلب دورتها في مخازن أرواحنا
تعيد الموائد من حانة للفصول
فتمنحني كأسها الفائر الخمر
وقت انتحار الينابيع
أعبر صمتي،ولذة كأسي
علي ذات صنعي
هي رأسي الضامرة
لا تطفئوا سكرها دون أن تمنحوها تراتيل بهجتها
فيذدهر الريح في شبة النار
مالت حبال النهايات نحو مصافحتي
للحروف التي تتكدس فوق الشفاه أمام تجمهر صحوي
بصيرة ضوء المرايا أعادت جيوش الطلوع
إلي معبر النهر، لحظة لهو كطفل
يغازل ألف سماء
يعانق طائره الورقي المطرز
في ذات ميقات ريح طرية
فتمنحه فرحة يشتهيها وجمهرة في فضاءاتها وقت إعلان شدو المطر
وضوء ابتهاج القمر
هي الساعة الراقصة
هي الحرف من قبضتي
تسللت فيه بأشرعتي نحو دائرة مفرغة
تطارحها موجة بعد موجة
وعاصفة من صراخ الفراغ
محطاتها ظلمة ونهار، شتاء وصيف، بكاء وفرحة
هي آلة
رتبت لي حقائب أسفاري المتعبة
ولم ترتق أبدا ضوء حلم الوصول
هي الساعة الخاطفة
تنام بأجسادنا تحت فيض الحقول
لنا رقصة الماء فيها، هواء الشجر
لنا دفتر ووصايا الرسائل
لنا همهمات علي مسرح للعدم
لنا مرجفات انشقاق القمر
________________________________________________من ديوان ” ارتجاف بهي للفرح”
صدر عن س الإبداع الشعري المعاصر.. هيئة الكتاب المصرية 2012

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى