فقدان الثقة بأمانة الموثوق وأثرها على الترابط المجتمعي

حمزة الشوابكة

إن مما يزيد تماسك المجتمع وترابطه، ويوطّد أوصال المحبة والتقارب والتآخي بين أفراده؛ حفظ وصون الأمانة بشتى صورها وأشكالها، فالأمانة من أثقل الأحمال والأوزان التي يحملها الشخص على ظهره، فهي حمل لا تطيقه الجبال، ومسؤولية يخفق لها القلب في الحل والترحال؛ خوفاً من فقدان السيطرة على شهوات وملذات النفس، فتخدش جسدها وأنت لا تدري، الأمر الذي يجعل منك شخصاً غير مؤهل بأن تكون محل الثقة عند صاحبها، ما يعقّد ويضيّق الخناق على من هم أهل لها، فتقتطع جزءا من حقهم في حملها وصيانتها، وتجعلهم عرضة للمراقبة والشكوك والظنون، الأمر الذي يترقبه شياطين الإنس والجان، لاستخدام هذه الهفوة من أجل توسيع هوّة التقارب والترابط المجتمعي، لزيادة الشحناء والبغضاء بين أفراد المجتمع، والأخذ بأفراد المجتمع إلى حمل الحكم في القرارات على سوء الظن دون حسنه، ما ذهب بالناس إلى محيطات الحيرة والهلع.
إن حسن نوايا أصحاب الأمانة تجاه المؤمّن به، ساهم كثيرا في استغلال أصحاب النفوس المريضة الممثلين المتلونين، لتلبية أطماع النفس الشيطانية! الأمر الذي أخذ بالكثير من أفراد المجتمع إلى أخذ الحيطة والحذر، والتفكير والتدقيق قبل اختيار من يستحق أن يكون جنديا من جنود أبواب الأمانات، سواء أكانت مادية أم معنوية، فذهب بهم في بعض الأحيان إلى طوفان الشك، الذي ساهم في تراجع حسن الظن، فازدادت الفجوة بين أفراد المجتمع، الأمر الذي ساهم في تصدّر سوء الظن والحقد والحسد والكره، فوضعت الأمانة بين أيدي الخونة، ليتلاعبوا بها كيفما وأينما أرادوا، ففرحت وتمتعت عيون قلوب أهل الضلال والضلالة، ما جعلنا نعيد حساباتنا في معتقداتنا ورؤيتنا، لنعيد حافلة حسن الظن والمحبة والودّ والتآخي، لتقلّ كل شخص سقط منها بعد صعوده على ظهرها؛ حال دخولها عاصفة لم ينجُ منها إلا من بقي داخلها، فالله أسأل بأن يقينا من تلكم الفتن، وأن يجعلنا ممن يدعمون ويعملون بحسن الظن وحفظ الأمانات، فمن كان يظن بأنه أفلت في الدنيا، أفلا فكرت يوما بأنك واقف بين يدي ربك؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى