المحامي جواد بولس .. قامة قانونية مقاتلة وطاقة جبارة في مواجهة أعداء شعبنا
محمد زحايكة | القدس العربية المحتلة
يكاد يكون من أجمل الشخصيات التي تعامل معها الصاحب منذ عقود طويلة وعندما كان يتدرب في مكتب المحامية الراحلة فيليتسيا لانغر في شارع آغرون المحاذي لشارع يافا في القدس الغربية..إنه المحامي الشهير جواد بولس الذي صعد كالصاروخ في دنيا المحاماة والقانون وسطع نجمه خاصة في الانتفاضة الأولى..
عندما التقاه الصاحب في مكتب لانغر ، بدا شابا وسيما ممتلئا حيوية ونشاطا له اسلوب جميل في الحديث والتعبير عن نفسه بحيث يشدك إلى شخصيته المرحة المحبة للحياة والمبتسمة والمنشرحة التي تنشر جوا من المرح والحبور بقدرتها على السخرية المرة ولكن باحترام واحتشام وتصوير المشهد بصورة دراماتيكية ونبرات صوته العالية والحادة ولكنها طافحة بالتفاؤل ورفع المعنويات رغم قتامة الظروف المحيطة.. وكان بولس من اول المحامين الذين اهتموا بقضية اعتقال الصاحب في بدايات الانتفاضة لمدة وجيزة لدى تعرضه لاعتداء من الجنود الذين اعتقلوه وهشموا أنفه لمنعه من شمشمة الاخبار .. عندما توجه إلى مكتب فيليتسيا لانغر حيث كلفت بولس بمتابعة أنف الصاحب اللاهب ؟؟
وعندما استقل بولس في عمله القانوني وافتتح مكتبا خاصا كان الصاحب يتردد عليه ويستقي منه بعض الاخبار لينشرها في الصحف المحلية وخاصة صحيفة القدس لاحقا وكان نجمه القانوني قد بدأ بالسطوع وبدأت أسر وعائلات الأسرى تقصده ليرافع عن أولادها وبناتها لما لمسوا فيه من قدرة وحنكة على مقارعة رجال النيابة العسكرية العامة الإسرائيلية وبذل أقسى طاقته لتخفيف بعض الأحكام العالية بحقهم . وكان الصاحب شاهدا على احدى المحاكمات لاحد أقاربه الذي أتهم بالانتماء إلى حركة حماس وكيف تمكن جواد بولس من انتزاع حكم مخفف بحقه في وقت كانت النيابة العسكرية تريد ان تنتقم من حماس وتتشدد في المطالبة باحكام عالية ضدهم .
وكانت عائلة قريبي ممتنة للمحامي بولس على دوره في هذه القضية وكيف كان والد المحكوم منتشيا ومسرورا وجواد يطالبه بأن يمد يده على جيبته ويخرج بالمعلوم من الاتعاب قائلا ” بدنا (كسيف) وبنزين يا ابو علي اي دراهم ” يا الله حرك حالك .. خلينا نعرف نشتغل ونديفع مديفعة ويلفظها باللهجة اللبنانيي؟؟ فيضحك ابو علي ويقهقه .. ويمد يده على جيبته ويخرج بالمعلوم راضيا مطمئنا وبكل سرور .
كما كان الصاحب شاهدا على مرافعة لجواد بولس لقريب اخر للصاحب قي قضية جنائية وكيف هزأ الخصم ونال منه وهو شخص يهودي حاول الصاق تهمة سرقة سيارة إسرائيلية لقريبي هذا ، بصورة كيدية وأثبت ان اتهامه لا اساس له من الصحة وخرج قريبي من هذه التهمة الكاذبة بريئا براءة الذئب من دم يوسف. وكان الصاحب يراقب ملامح القاضي وهو يستمع إلى دفاع بولس وتفنيده رواية الادعاء الكاذب بكل منطق وحقائق دامغة والقاضي ينظر اليه ويهز رأسه بأعجاب شديد على قوة منطقة وحججه وبلغة عبرية مدهشة .
من هذه القضايا الصغيرة، صعد جواد بسرعة الصاروخ وبات ذي حظوة وصاحب مكانة رفيعة لدى عديد من القادة الفلسطينيين من بينهم الراحل فيصل الحسيني ومن ثم القائد ياسر عرفات وجبرائيل الرجوب وكذلك الراحل د. صائب عريقات ود. حنان عشراوي وغيرهم الذين وجدوا في جواد، نعم المحامي والخبير القانوني سريع البديهة وصاحب الحجة والمنطق القوي في تفنيد الادعاءات المضادة .
وكان الصاحب يسمع عن علاقة صداقة قوية وجميله بين بولس والشاعر الراحل العظيم محمود درويش . ومن هنا ربط الصاحب بين هذه الصداقة وبين المقالات الرائعة التي أخذ ينشرها بولس في الصحف المحلية وخاصة قي جريدة القدس في السنوات الأخيرة ، حيث تفاجأ الصاحب بأسلوب بولس الكتابي الجميل والمدهش في قوة التراكيب والثقافة العالية من العيار الثقيل التي تتفشى وتتبدى في هذه المقالات المغعمة بروح أدبية وتصاوير مدهشة وكأنها عبارة عن قطعة أدبية مزركشة بأحلى العبارات والمقولات وتنم عن شخصية كاتب مستنير ومثقف موسوعي قادر على التحليق في حقول الكتابة بتميز وابداع يثير الدهشة والحيرة .
جواد بولس محام من طراز خاص ، خاض معارك قانونية لا يشق لها غبار وحمل هموم وقضايا مئات الأسرى على كاهله وخاصة من ذوي الأحكام العالية من خلال موقعه في نادي الاسير وغيره وأثبت قدرات جبارة على الصمود والدفاع عن أبناء وبنات شعبه بكل عنفوان واقتدار .
جواد بولس، انسان مدهش، غاية قي التواضع ، بحبوح وحبوب، مثقف إلى أبعد الحدود ، معتز بفلسطينيته واثق من قدراته، راهن وما زال على شعبه لاجتراح الانتصار العظيم رغم سوداوية الواقع الراهن ومهما طال الزمن وبلغت التضحيات. لجواد بولس ألف وردة اقحوان على مسيرته ومعاركه القانونية الكثيرة التي جيرها بحنكة واقتدار للدفاع عن المناضلين والأسرى وحقوق الشعب الفلسطيني العادلة