قراءة في ديوان “أنغام القلوب” للشاعر عمر رزوق الشامي
زياد شليوط
“أنغام القلوب”(1)ديوان جديد يصدره الشاعر عمر رزوق الشامي، وهو الديوان العابر لحدود العشرين إصدارا، إذا نحن نقف أمام شاعر متمرس ومجرّب وذي باع طويل في الشعر، وإن لم يأخذ نصيبه من الانتشار والشهرة. وقد سبق وأن قرأت لشاعرنا وكتبت تقريظا لديوانه “عصر المؤامرات”، وهو عبارة عن قصائد سياسية وطنية غاضبة من الدرجة الأولى، لكن في هذا الديوان نواجه شاعرا عاطفيا رقيقا من الطراز الأول،وهو ليس الديوان العاطفي الأول له، حيث سبق وأصدر أكثر من ديوان في هذا الجانر الشعري، وقبل التعرض إلى بعض ما حواه الديوان، لا بد وأن نتوقف عند عنوان الديوان “أنغام القلوب”، وكما قيل سابقا فان المكتوب يقرأ من عوانه، هكذا فان عنوان الديوان يدل على ما يحويه ويتضمنه من قصائد، ودلالة العنوان تشير إلى أنغام يعزفها قلب الشاعر. وماذا سيعزف القلب من أنغام سوى العاطفة والحب والحنين والهوى، ومنها أنغام مرحة ومتفائلة ومنها أنغام حزينة ومحبطة، ولم يتوقف الأمر عند عنوان الديوان بل هناك عدد من القصائد حملت عناوين مشابهة ومرادفاتها مما يؤكد ما توقعناه ومن تلك العناوين ” تراتيل الغرام، ترنيمة الحب، أنغام الأحزان، صهيل الجواد، لحن عشقي، ترانيم الحنين، قيثارة الشجيّ”.
وقد سبق للصديق الكاتب والباحث الأستاذ محمد علي سعيد، وهو كان حلقةالوصل التي أوصلتني الى شاعرنا عمر رزوق وفتح صفحة صداقة بيننا تنمو وتزدهر، حيث قال عنه في تقديمه لديوانه “دموع على الورق”: قرأت دواوينه السابقة فوقفت على خيط فكري يربط أكثر قصائده، فوجدتها أقرب إلى اللوحات أو الحالات النفسية الوجدانية الإنسانية ومترعة بالغنائية الحالمة والشفافة والهامسة”. وهذا هو الحال في ديوانه الجديد الذي بين أيديكم.
وفعلا فان قصائد الديوان تتبع الشعر الغنائي” الذي يعبر عن مشاعر وخيال وأفكار الشاعر، ويدفع بعالمه الداخلي خارجا، ومن ثم فهو الجنس الشعري الأشد ذاتية وتفردا”(2). ودلالة على ذلك أكتفي بايراد عناوين قصائد تدل على مدى ذاتية وتفرد الشاعر: “إنني راحل، أنا الألم، لو كنتِ لي، حبيبتي بعيوني، سوف أشكي، يوم ميلادي، انتِ جنّتي”.
ما يلفت النظر في قصائد الديوان استخدام الشاعر لكلمات غير متداولة في لغة عصرنا ويصعب على القاريء فهم معناها دون الاستعانة بالقاموس، وهذا الأمر يعود إلى أن شاعرنا عمر الى جانب ممارسته كتابة الشعر فهو بحّار في معجم “لسان العرب”، ويهوى اللغة القديمة ومفرداتها ويتقن معناها ويحسن استخدامها في المكان المناسب، لكن لا بد من الإشارة إلى أن ذلك يثقل على القاريء العادي وخاصة في أيامنا البعيدة كل البعد عن لغة تلك العصور، ولا تدخل في مفردات هذه الأيام، واليكم بعض الأمثلة عن تلك المفردات المنتشرة في قصائد الديوان: “زِماعاً، سمدي، طرسي، السّدف، رُضاب الورد، الخطام، الضّرام، تشَلشلَ، القتماء، التّتيم” وغيرها الكثير.
وهنا أجدني أتساءل هل يشعر عمر رزوق الشامي بالغربة بين ناسه ولغتهم ونهج حياتهم؟ وهل هو الشاعر الذيقصده الأديب العربي الكبير الى حد الفلسفة، جبران خليل جبران، في قوله: “أنا غريب في هذا العالم. أنا غريب وليس في الوجود من يعرف كلمة من لغة نفسي”.(3)
بعد قراءتي قصائد الديوان قبل صدوره، يمكنني القول إننا – بلا شكّ- أمام شاعر مثقف، موهوب، متمكن، لُغوي، شاعر صادق بمشاعره وماهر في وصفه وقدير في تصويره وصريح بتعابيره، في حالات العشق المختلفة التي يتعرض لها العاشق ويواجهها بصبر ومحبة. وديوان عمر رزوق الشامي ديوان عشق ومناجاة بامتياز، وتلذّ قراءة قصائده لما تجنيه منها من فائدة ومتعة، ويحق لنا أن نقرأ بين فينة وأخرى قصائد الغزل والحب، في استراحة محارب في ظل التحديات والمعارك السياسية اليومية التي نحياها.
وفي نهاية هذه السطور، لا يسعني إلا أن أتمنى لشاعرنا القدير عمر كلّ الخير، والمزيد من العطاء في عالم الفكر واللغة والأدب.
^^^^^
• الكاتب زياد شليوط – عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين – الكرمل 48، والمقال نشر كمقدمة للديوان.
إشارات:
1) الشامي عمر رزوق-أنغام القلوب، أبو سنان، أيار 2022
2) د. الطاهر أحمد مكي- الشعر العربي المعاصر، روائعه ومدخل لقراءته-دار المعارف، القاهرة، طبعة ثالثة 1968،ص 75
3) جبران خليل جبران – المجموعة الكاملة –دار الجيل، بيروت، د. ت، ص 564