الكتابة في درجة الدو الكلمة إذ تغني.. قراءة في سرد وحيد الطويلة”

عبد الله عثمان
يصعب على المرء القراءة لوحيد طويلة دون الدخول في حالة يفرضها التأثير الساحر للإيقاع صوت الكتابة الهادر والمتناغم في آن، حتى في عتبات سرده فهو يبدأ بالصوت إذ يصل لذروة تأثيره، للكلمة إذ تتبخر ويبقى إيقاعها الخاطف المدوخ، حتى ما قد يأخذه البعض عليه من تكرار في رواية ما إنما هو آلة موسيقية تعمل في خلفية الحكاية.
ينسج وحيد طويلة موسيقاه الداخلية من لحم وعظم وخلجات وآهات شخوصه، يرسلها إلى حدود التعبير عن فضاء الرواية، في باب الليل تهسهس الموسيقى وتتشظى بتشظي الحكايات واجتماعها، وفي كاتيوشا يتركز الإيقاع نحو الداخل ويصعد معبرًا عن الأعماق كما فعل في حذاء فيلليني، ينتبه وحيد طويلة إلى إمكانات اللغة المعجمية، فيصنع منها لغته الخاصة العذبة الرشيقة، حيث يصير للحرف والكلمة وظيفة أخرى غير التعبير، التحليق بالمتلقي في جلال اللحظة الصوتية، في درجة الدو، الصفر في الكتابة والمبدأ في الموسيقى.
هنا تصير الكتابة نفيا إيقاعيا عن الحياة في لحظة موت سرمدية كما أراد بلانشو، ويسير الأدب نحو جوهره الذي هو الزوال، الزوال في نشوة اللحن الموسيقى المتبخر من الكلمة الراكزة في ذاكرة النص

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى