نفق
سميح محسن | فلسطين
نفقٌ طويلٌ مظلمٌ
ضوءٌ شحيحٌ في النهاياتِ التي لا تنتهي
مُتَلَفِّعٌ، من خوفِهِ بالعتمةِ السوداءِ
لا يقوى على إغواءِ أيِّ فراشةٍ ضلّت مساربَها
على أطرافِ نافذةٍ تحومُ
وكلما اتسعت مساحتُها تضيق…
|||
كوخٌ من الأخشابِ مسقوفٌ بعيدانِ القَصَب،
كوخٌ لنا، ولغيرنا
من عابرٍ،
أو جائعٍ،
أو تائِهٍ ضلَّ الطريق…
|||
كوخٌ لنا
في ظلِّهِ صعدت أعالي غيمةٍ أحلامُنا
ونَمَتْ على أغصانِها مدنُ الفضيلة،
كنّا نظن بأنها تمشي على قدمين ثابتتينِ
تُمطِرُ وردةً تنمو على طرفِ الحديقة،
في الليلِ تُؤنِسُ وحدةَ الصبّارَ
تحملنا على أملٍ إلى برّ الأمان،
غصنٌ ترمّدَ في الحريق…
|||
كوخٌ لنا
في ظلِّهِ فرسٌ تطاير شَعرُها
غطّى جبينَ غزالةٍ
وقفت تُطِلُّ على ضفافِ حكايةٍ
كنّا نحيكُ خيوطَها
وكأنّها أنشودةُ الوطنِ العتيد،
أنشودةُ الشعبِ السعيد،
كوخٌ لنا،
أم خيمةٌ كانت تُظَلِّلُ حلمَنا
أم غابةٌ ملأى بآلافٍ من الغيلانِ والسُّراقِ
هل كنّا ننام على شفا وادٍ سحيق؟!
|||
لا تدفنوا الموتى على سفح الجبل،
لا تجعلوا الغيماتِ شاهدةً على قبرٍ ستمحو اليريحُ أحرفَها
فقد يستيقظُ الموتى
وإن عادوا، فلن يجدوا على أُحُدٍ أحد،
هل يرجع الموتى إلى الشرفات ينتظرون عودتنا؟!
لقد سقط الجبل،
وتدافعوا
هل ينقذ الموتى الغريق؟!
|||
نفقٌ طويلٌ مظلمٌ،
ضوءٌ شحيحٌ، غابةٌ، صبّارةٌ،
وحكايةُ الوطن العتيد،
فرسٌ على أُحُدٍ
ولا أَحَدٌ على جبلٍ سَفَتهُ الريحُ
لا جبلٌ يُطِلُّ على خرابِ الرّوح،
نوافذُه معلّقةٌ على أهدابِ أطيافٍ من الفوضى
فهل يأتي من الفوضى بريق؟!