أيها العيد.. ماذا ستقول؟
عبد الغني المخلافي | اليمن
صباح الخير أيها العيد وأنتَ تضمخُ بأضاحيك شعبًا أقصَى أحلامه وجبة دسمة.. هناك من اقترض، من باع، من تسول، من استعان ليحصل على أضحية في كل الأحوال، ليست الأضاحي سمينة كما كانت قبل الحرب؛ فالحرب جردت الكثير من تناول وجبة لحم على مدى العام.
هنا من لا يستطيع شراء دجاجة فما بالك بشراء كيلو لحم أو نصفه؛ يبدو الاشتياق أكثر إلى الأضاحي ليس للعيد فقط ! لم تعد أضاحي بقدر ماهي إغاثة في هذه المناسبة؛ قليلٌ من سيرتدي الملابس الجديدة، من سيشتري الحلوى، من سيرقص بفرحٍ؛ فالأجساد منهكة لا تقوى على الرقص والقلوب لم تعد تألف الابتسام كالسابق، الأرواح صارت عاجزة يصفر الخراب فيها، لا يوجد من يطلق الأغاني و”الزوامل”تعوي في كل المناسبات.
اختفت الألحان، فلا عربات مزينة، وذابت الدراجات، واكتظاظ الطرقات بها، وصار البترول بأسعارٍ مخيفةٍ، كلنا أمام الأسعار سواسية.
أيها العيد ستقول:
الأطفال لا زالوا يكتنزون الفرحة، سيبدون بوجوهٍ باسمةٍ وثيابٍ مشرقة – للأسف – لن تجدهم علَى ذلك الحال، أو في تلك الصورة، وإذا ما تمعنت الأسباب؛ فلن تحتاج إلى تمحيصٍ في ظلِ آباءٍ معدومين أبعد ما يستطيعون فعله توفير ما يسد عريهم، ولن تجد الأهالي والعوائل والأقارب والجيران يتبادلون الزيارات والمعايدات والجلسات، والهدايا؛ صارت كلها في النسيانِ خلال السنوات العجاف.
الناس في عزلةٍ وانكفاءٍ، وتناحرٍ وأحقادٍ وفرقةٍ، لا من يشتاق إلى قريبٍ أو بعيدٍ فالكل منكفئ علَى ذاتهِ، وثمة من يتخاصم مع نفسهِ، و يتمنى لو يندثر ويختفي في هذهِ الأرض تحت التراب أخْيَر وأرغد من الغلاء والهمومِ والعجزِ أمام الاحتياجات البسيطة.
ستقول: ما الذي عاد بك، وأنت منذ سنوات بعيدة خارج الوطن؟ -صحيح كنتُ طوال 22 عامًا وعدتُ، فعندما تغلق الأبواب في وجهك من الطبيعي أن تعود، كيفما كانت الظروف لا خيار؛ مغصوب على ذلك ليس كرهًا ولكن صعوبة الأوضاع، والعلل التي لا تحصى لا يمكن تحملها في وطن تغطي عليه رائحة الموت.