في انتظار بايدن
بقلم: عدنان الصباح
إنهما ينتظران وحدهما هذا الذي لا يغيب عن عقولهم ولا عن أفعالهم لكن أهداف الانتظار مختلفة فجودو الذي أعلن وقت حضوره مسبقا وبالتأكيد أعلن لهم سرا عن أهداف الحضور وما يريد منهم أن يفعلوه وأن يوافقوا عليه وهم بالتأكيد ليسوا كالمنتظرين لغودو “فلاديمير واستراجون” الراغبان في الخلاص أو الحصول على المكافأة؛ بل على العكس من ذلك فإن المنتظرين هما العبد الأخرس لاكي والسيد المتغطرس بوزو.
جودو الأمريكي لم يأتِ ليمنح الخلاص ولا العطايا للمنتظرين من المقهورين من حكامهم بفضله؛ بل جاء ليحصد الجوائز ويؤلب القبائل ويوحدهم تحت حبل بوزو السيد المتغطرس وعلى العبيد طاعة الأمر واحترام حضور بايدن الذي حل بقدرة قادر محل جودو الغائب ليصبح فعل الحضور الحزيرانيّ هذا ساخنا في رمال جزيرة العرب أكثر مما ينبغي وهو “بايدن” من سيشعل النار تحت رمال العرب لا ليدفئهم؛ بل ليحمي نفسه ومعه سفيرته المقيمة في المنطقة “إسرائيل” من نار النووي الإيراني وأية احتمالات لصياغة أحلاف عالمية جديدة تضم في عضويتها قوى عالمية إلى جانب إيران كالصين وروسيا ودول كسوريا وفنزويلا وحتى الهند المتبرمة من الغطرسة الأمريكية.
أحداث الحرب الروسية الأوكرانية تجعل أمريكا في حالة هلع من أي اصطفاف محتمل بين الرافضين للهيمنة الأمريكية وهي تريد أن توحد مؤيديها في الشرق الأوسط بالوصول إلى حلف علني غير مقدس تقوده إسرائيل لتريح نفسها من مواجهة إيران ولذا تحاول أمريكا عدم الوصول إلى الاتفاق النووي مع إيران وتضرب بعض الحائط حتى برغبة أوروبا بذلك لتعويض النقص الخطير في الغاز الذي سببته العقوبات على روسيا والتي جعلت من أوروبا المتضرر الوحيد.
بايدن وإسرائيل يريدان لهذه الزيارة أن تؤسس لفياجة علنية لإسرائيل للمنطقة العربية فهي لا تثق بعربي واحد ليقوم بتمثيلها في المنطقة ويبدو أن العرب أنفسهم لا يثقون بقدرتهم على فعل ذلك بعد أن قبلوا البضاعة الأمريكية بأن إيران هي الخطر الحقيقي عليهم وبالتالي فإن عليهم أن يتحالفوا تحت لواء إسرائيل ضدها؛ بل وأن يخوضوا حرب إسرائيل وأمريكا نيابة بالوكالة وهم إذن – أي العرب – من سيدفعون ثمن الحرب الإسرائيلية الامريكية ضد إيران مالا ودما وانعدام الامن والاستقرار في المنطقة.
تأسيس الوكالة الأمريكية في الشرق الأوسط بات واضحا للعيان باختيار الزيارة فقط للسعودية وإسرائيل فهو يرغب بعلنية التأييد السعودي والمشاركة العملية والعلنية بهذا الحلف المنوي الإعلان عنه بعد أن أصبح قائما بالفعل وما زيارة بيت لحم إلا لذر الرماد في العيون وضمان الصمت الرسمي الفلسطيني الضروري جدا لمثل هذا الحلف غير المقدس والمعادي أولا وقبل أي أحد للفلسطينيين أنفسهم وهو سيصيب المشروع الوطني الفلسطيني بمقتل وبالتالي فإن الجانب الفلسطيني مطالب أكثر من اية جهة أخرى بمعارضة هذا المشروع علنا وفضح الأهداف الحقيقية لهذه الزيارة.
التحريض الإمبريالي الصهيوني ضد حلف المقاومة المقدس في المنطقة والتي تصطف به إلى جانب إيران سوريا وكل أطراف المقاومة في المنطقة العربية وفي المقدمة منها فلسطين يهدف إلى عزل هذا الحلف وتجييش الجميع ضده بهدف تكريس إسرائيل كقائد لهذا الحلف وشطب القضية الوطنية الفلسطينية من قاموس العرب والعالم، وعلى العرب أن يدركوا جيدا أن لا مصلحة حقيقية لهم مع الإمبريالية والصهيونية التي تسعى لإحكام السيطرة عليهم وعلى ثرواتهم وإعادة إفقارهم وأن فرصتهم الوحيدة هي مع حلف المقاومة وفتح حوار مباشر مع إيران وأطراف المقاومة في كل البلاد العربية واستعادة الدور المناهض للمشاريع الإمبريالية والصهيونية وإلا فإن القادم سيكون بساطير الاحتلال الصهيوني تجوب بلاد النفط العربي وتستولي على بلادهم وثرواتهم؛ بل وستسعى للتخلص من هذه القيادات بعد أن تكون قد نفذت من خلالهم اتفاقيات ومشاريع ملزمة وحينها يجري استبدالهم بألف سبب وسبب وستكون الديمقراطية سلعة أمريكا الرائجة في مقدمة هذه الأسباب وسيعرف العرب أن بايدن ليس غودو فهو الآتي للنهب لا لتقديم الهدايا ولا صناعة الخلاص إلا لرأسماليته التي لا تشبع ولن تشبع.