أضغاث صحوتي.. خثرات عشق (8)
منال رضوان | مصر
استيقظت اليوم عقب ليلة لم أذق فيها للنوم طعمًا لشعور ابنتي بارتفاع في درجة حرارتها، تعد ليالٍ قاسية تلك التي تمرض صغيرتي فيها، وحتى عقب قيامي بالتصرف الملائم في مثل تلك الحالات؛ لكن الضيق والقلق يكادا أن يفتكا بي في كل مرة تتناول فتاتي المثلجات في عناد لا أقدر إلا أن أستسلم له وأنا أعد نفسي لقلق جديد تبدأ مؤشراته الأولى عقب بُحَّة بسيطة في صوتها واحتضانها للعبتها الأثيرة ثم دخولها إلى الفراش لتبدأ مهمة المراقبة ومتابعة تطور الاحتقان المُنكه بالفانيلا أو الشيكولاتة أو غيرها من مغريات الصيف…
اللوحة للفنان محمد رضوان
قررت أن أعيد ترتيب مكتبتي ورغم ميلي الشديد للنظام، إلا أنها مهمة ثقيلة، وإن كانت ستشغلني بعض الشيء عن ذلك التوتر الذي خلفته الليلة الماضية..
ما يزعجني في إعادة تنسيق كتبي ليس المجهود البدني وإنما شعوري وكأنني أعيد ترتيب أولويات اختياراتي، أو هو بمثابة إعادة الجدولة لمكانة ووجود الأصدقاء في الحياة، اكتشفت أن عشرات الكتب الشعرية قد رفعتها يدي إلى الرف العلوي في مرات سابقة، وأنها توارت حزينة معاتبة يائسة من حال صرت إليها، وكأنها تشعر بجفوة أوجدتها بيننا تلك القراءات والدراسات النقدية التي تفتش حول الحرف في عناد محاولة كشف المخبوء ورفع الستر عن الشعور وقولبة الحزن وتأويل الحب واستنفار السعادة، و….
لحظات صامتة مرت أمام عيني وأنا أعاني ذلك الاستلاب الذي جعلني أضع أعين الرقباء في متناول يدي لنتحدث معًا عن ذلك الرف الأعلى والذي يمثل سماء ثانية ظننت أنني سأكتفي منها بغيمها الرمادي الثقيل ولونها الأزرق العميق وخثرات الحروف الملقاة على جسدها الدامي كل مساء، لكنها كلما رأتني تعود لتبتسم .