وصية شهيد
علي الخفاجي | العراق
بين الشهادةِ و الحـياةِ رسالةٌ
مكتوبَةُ و على الزَّمانِ كتابُ
|||
و لعلَّ قمصانَ الشهادةِ مِثلها
تحوي الـوصايا و المدادُ خِضابُ
|||
بين السواترِ و الرَّبايا جُثَّةٌ
و وصيَّةٌ أوصى بها و خِطابُ
|||
ممهورةٌ حَمراءُ من عَلَقِ الـدِما
فيها استبان منيةٌ و ذهابُ
|||
أحدُ الجنودِ يَقولُ قبلَ رحيلهِ
إنَّ الحقيقةَ ظاهرٌ و غيابُ
|||
فيقولُ لو حـانتْ منية مذبحي
لا صِدقَ في ماقالهُ الأحبابُ
|||
عن قولِ أمِّي كانَ يرجو مَوتةً
و شهادةً فيها الكمالُ نِصابُ
|||
أو نالَ من أجلِ العروبةِ مَـصرَعاً
عن حكمةٍ ساستْ بها الأحزابُ
|||
قد أقنعوها قبلَ أخذِ لقائها
إنَّ الشهادةَ للعروبةِ بابُ
|||
في نشرةِ الأخـبارِ ليسَ حقيقةً
ما قيلَ عنِّي فالبيانُ عُجـابُ
|||
و مذيعةُ الأخبارِ تكذبُ دائماً
كسجاحِ في ما قالتِ الأربابُ
|||
بل دميةً بين الخيوطِ يهزها
كفٌّ يُحركها عليهِ حِجَابُ
|||
فالوجهُ مُحمَرٌّ كحمرةِ ثـغرها
في قلبِ مضمونٍ علاهُ تـرابُ
|||
إنَّ الحقيقةَ عيشةٌ قد خِلتها
طابت كحَـالِ الساكنينَ فطابوا
|||
أمَّا صَديقي قد أهـل بصورتي
يعلو الجرائدَ نعيهُ المُـرتابُ
|||
كذبت مراثيهِ و كم من مرةٍ
رمتُ العَمَارَةَ مِنهُ جَاءَ خَرابُ
|||
أمَّا بأصحابِ الفخامةِ و العـلى
قد فاخروا و تفرجَ الأعرابُ
|||
و تذكَّروا روحَ القتالِ و حَتفنا
يا ليتهمْ قد عوَّضوا و أثابوا
|||
ما كانَ تأبيناً و لكنْ قد رقى
عرضاً لأزياءٍ سما الجلبابُ
|||
أهلُ العِقالِ إلى العمامةِ و الرِدا
و نسيمُ عطرٍ و الثيابُ ثيـابُ
|||
أترونَ ساعاتِ المعاصمِ و الغنى
و حماة صَفٍّ و الركابُ ركابُ
|||
أترونَ زيًّهمُ الأنيق و عِطرِهم
سرقوهُ من قوتِ الجنودِ و غابوا
|||
و لعلَّ أحزانَ القيادةِ جاملت
حزناً قليلاً بالمشاعرِ نابوا
|||
ليست لأجلي حزنُها بل إنَّها
فقدت تَبرعَنا فعَزَّ طِلابُ
|||
إذ كنتُ أعطيهم لآخذ حِصَّةً
لرصيدِ حَقٍّ مِلكنا و حِسابُ
|||
و يضلُّ إبن الخائباتِ مُحقَّراً
ما بينَ أشباهِ الرجالِ يُعَابُ
|||
و يضلُّ أبناءُ الريادةِ شأنهمْ
بينَ الأسرَّةِ و المراقصِ سَابوا
|||
بين القصورِ مجاهدينَ بسكرهم
لطلوعِ فجرٍ و النساءُ رضابُ
|||
أمَّا الَّذين يفاخرونَ برميهم
لوداعِ تشييعٍ جناهُ مُصابُ
|||
ما كنتُ أنظرهم و لا في مرَّةٍ
حَملوا البنادقَ و العَتَادَ و صَابوا
|||
لكنَّ إغواءَ البنادقِ ثارهم
كجميلةٍ فيها المنالُ صَوابُ
|||
أحرارُ أنتمْ صدقوا أو كذبوا
لا صدقَ إلَّا دمعةٌ و عذابُ
|||
من عينِ أمِّي إن بكت في ليلها
و تبللت من عينها الأعتابُ
|||
أو دمعةُ المحبوبِ قبلَ رحيلنا
واعدتها و الموتُ فيهِ جوابُ
|||
أو دمعةُ الأولاد في مخروبةٍ
يبكونَ سقفاً عاثَ فيهِ خرابُ
|||
كذبت إذاعاتُ السياسةِ إنما
موتي لقرصِ الخبزِ و هو عِقابُ
|||
الآن قد أصبحتُ أملكُ مرقداً
فيهِ لأمنِ التائهين قُبابُ
|||
من غيرِ إيجارٍ و فريةِ مالكٍ
أهنا بحتفي سائلاً فأُجابُ
|||
إنِّي شهيدُ الجوعِ لا لعروبةٍ
إنَّ العروبةَ كذبةٌ و سَرابُ
|||
تلك الشعاراتُ التي قد مـزَّقت
لصدورِ عُربٍ مالهنَّ غِـلابُ