ما هي ذكرى خراب الهيكل التي سيقتحمون الأقصى بمناسبتها؟

خالد جمعة | فلسطين

إن واحدة من أقوى الحجج التي يطلقها المستوطنون في اقتحامهم للمسجد الأقصى، هي وجود الهيكل الذي بناه النبي سليمان، والذي دُمّر مرتين حسب الادعاء التوراتي، فيما عرف بـ”خراب الهيكل”، وتقول الادعاءات بأن هناك خراب أول وخراب ثان.
الهيكل، أو حسب العبرية “البيت المقدس ـ بيت همقدش”، هو المعبد اليهودي الأول الذي بناه “الملك” سليمان، حيث أن اليهودية تعتبر سليمان ملكاً وليس نبياً، والغريب في الأمر، أنه ما دام ملكاً وليس نبياً حسب روايتهم، فلماذا يكون ما بناه مقدساً إلى هذا الحد؟ [سبب عدم نبوته في اليهودية أن أمه ليست يهودية وهذا يخالف التعريف لمن هو يهودي حسب بعض الآراء].
الهيكل هو أحد أماكن اليهود المقدسة، والذي “حسب روايتهم” سيعيد المسيح بناءه، ويعتقدون أن موقعه مكان مسجد قبة الصخرة أو إلى جواره، رغم أن الحفريات التي دفعت حكومات إسرائيل المتعاقبة المليارات من أجلها، لم تستطع العثور على أي دليل يثبت وجود هيكلهم إلى هذه اللحظة، أو حتى ما يدل على وجوده يوما، وهذا ليس رأيا شخصيا، بل باعتراف أكبر علماء الأركيولوجيا في كيانهم مثل إسرائيل فنلكشتاين وغيره.
لكن الحاخامات اليهود يقبلون [أكثرهم] افتراض وجوده في هذا المكان، ويعتبرون الحرم القدسي محظورا على اليهود، لأنه [حسب نظرتهم]، لا يمكن أداء طقوس الطهارة المفروضة على اليهود قبل الدخول في مكان الهيكل، لكن عدداً من الحاخامات يسمحون بزيارة الحرم، وبعض اليهود العلمانيين كذلك.
شيد المعبد [حسب الرواية التوراتية] في فترة حكم سليمان، [ملك إسرائيل]، وبذلك فإن تاريخ بنائه يعود إلى القرن العاشر قبل الميلاد، خلال فترة مملكة يهوذا، وخصص لعبادة إله إسرائيل، ومن المفترض [حسب روايتهم كذلك] أن يضم تابوت العهد، أو تابوت الشهادة، الذي يحوي ألواح النبي موسى التي تحمل الوصايا، وهو موضوع داخل قدس أقداس الهيكل، ومطلي بالذهب ويزينه إطار من الذهب، وقدم سفر الخروج في التوراة وصفاً لهذا التابوت، في الفصل 25، بأنه مصنوع من خشب السنط، ومطلي بالذهب من طرفيه الخارجي والداخلي، وطوله ذراعين ونصف، وعرضه ذراع ونصف… إلخ.
في سفر صموئيل الأول يذكر سقوط التابوت في السبي على أيدي الفلسطينيين، لأن التابوت كان يؤخذ إلى ميدان القتال لجلب دعم الرب، وبسبب هزيمة بني إسرائيل سقط تابوت العهد في السبي وأُخذ إلى أشدود، إلى معبد الإله داجون، إله الفلسطينيين.
جلب الملك داوود التابوت إلى القدس ونقله سليمان من بعده إلى قدس الأقداس في الهيكل، وقد بني الهيكل [حسب الرواية اليهودية] على الحجر الذي كان النبي إبراهيم سيقدم ابنه ضحية عليه.
ووفق إحدى الفرضيات، فإن التابوت تم تهريبه إلى مصر في أيام منشيه ملك يهودا، وأُخذ من هناك إلى جزيرة الفنتين، وهي جزيرة تقع على نهر النيل يوجد بها معبد يهودا. ووفق هذه الفرضية، فإن التابوت موجود حالياً في كنيسة السيدة مريم في مدينة أكسوم في إثيوبيا.
ووفقاً لتراث الحكماء اليهود، فإن التابوت حُفظ في مكان ما في فجوة أسفل المسجد الأقصى أسفل صخرة الأساس مباشرة، ويؤمن الكثيرون أنه لازال هناك.
وربما يشير هذا التعدد في الروايات بشكل واضح إلى أنه لا دليل عملي على وجود الهيكل في أي مكان، ولا تابوت العهد، فكل فئة من الحاخامات تؤمن بقصة مختلفة حول الهيكل والتابوت.
تم تدمير الهيكل الأول على يد نبوخذ نصر حين غزت بابل بلاد الشام، [السبي البابلي]، وذلك في عام 587 قبل الميلاد.
أما الهيكل الثاني فقد بني [حسب الرواية اليهودية أيضاً] في نفس الموقع عام 516 قبل الميلاد، ودمره الرومان عام 70 ميلادية أيام القيصر الروماني فسباسيان.
ويرى كثيرون من علماء الآثار، بما فيهم علماء يهود، أن اليهود لم يعيشوا مطلقاً في مدينة القدس، ولم يتم بناء أي هيكل على مر العصور، وأن قصص الهيكل ما هي إلا أساطير، ويذكر سفر القضاة في التوراة ذلك بوضوح حيث جاء فيه:”وفيما هم عند يبوس والنهار قد انحدر جدا، قال الغلام لسيده: تعال نميل إلى مدينة اليبوسيين هذه ونبيت فيها، فقال له سيده: لا نميل إلى مدينة غريبة حيث ليس أحد من بني إسرائيل هنا”.
ذكرى خراب الهيكل مختلف عليها ما بين 17 ـ 18 يوليو/ تموز، وبداية أغسطس/ آب، لكنها في التقويم اليهودي تحل في التاسع من آب، وفي هذا اليوم يبدأ الصيام الذي يستغرق 25 ساعة، ويحظر خلال الصيام القيام بالأكل أو الشرب أو أي عمل فيه متعة، ويغلب الحزن على الحياة في هذا اليوم، فلا تلبس الملابس الجديدة، ويتم الجلوس على الأرض، ويتم في هذه الليلة قراءة سفر مراثي إرميا، وفي صباح اليوم التالي يقرأون مرثية يتلونها بنغم حزين وتسمى كينوت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى