ما هكذا يا سعد الهلاليّ تورد الإبل (١)
رضا راشد | الأزهر الشريف
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. بسم الله الرحمن الرحيم: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}[الجاثية: ٢٣]
أمسِ.. أطل علينا المسمى بسعد الدين الهلالي ليلقي في وجوهنا – نحن المسلمين – بقنبلة مدوية مدمرة كسائر قنابله التي طالما انهمرت على رؤوسنا في السنوات الماضية، لا هدف لها إلا أن تقتل فينا إسلامنا وتجردنا من ديننا، ليس بالكفر، وإنما بأن نرتدي زيا بديلا يراه الناس إسلاما وما هو بإسلام، فالهلالي في سائر قنابله لا يقول لنا صراحة: ” دعكم من دينكم، واكفروا بربكم، بل يقول: دعكم من هذه الأوهام التي صورها لكم الفقهاء على أنها دين، وعليكم بهذا الإسلام (الكيوت) الجميل؛ إسلامٌ لا فيه ولاء ولا براء، إسلام لا يعادي أحدا لأنه لا يتمسك بشيء، إسلام ليس فيه تكاليف: فكل حرام مباح، وكل محظور متاح، وإياك -أيها المسلم- حين تتخلى عن هذا الدين الذي اخترعه لك الفقهاء وابتدعه لك العلماء، إياك أن تتوهم – مجرد توهم – أنك عاصٍ لله، لا لا لا، بل أنت المطيع كل الطاعة، وكل ما في الأمر أنك تحررت من ربقة تقاليد الفقهاء البالية، وتحكماتهم المتشددة المتزمتة.
هذا هو الإسلام الذي يدعو إليه سعد الدين الهلاليّ، بل هذا هو الضلال الذي يدعو إليه مصورا إياه بصورة الإسلام، وهنا تكمن خطورة أمثاله هو ومحمد هداية وغيرهم من هؤلاء الضُلَّال الذين يرتدون للناس مسوح الهادين المهديين، حيث يوهمونهم أن تخليهم عن الإسلام إسلام، وأن تجردهم من تكاليف الدين ليس بعصيان؛ لأن هذا الذي يظنونه دينا ما هو إلا من اختراعات الفقهاء!! هكذا يحاول سعد الدين الضلالي وأمثاله: فمن إباحة الخمر، إلى تحريم الحجاب، إلى الدعوة لفوضى دينية، حين يزعم أن من حق كل إنسان (عالماً أو جاهلا) أن يدين لله بما يفهمه من كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم -، دونما خضوع لأهواء الفقهاء أو استسلام لوصايتهم..وانتهاء بهذه الطامة الكبرى في دعوته الفقهاء إلى إيجاد حلول لإفراغ الشباب شهواتهم الجنسية بعيدا عن العلاقة الزوجية.
فإن سألته: ولِمَ يكون الحل بعيدا عن الزواج؟ وفي الزواج كل حل؟ أجابك بلسان حاله الكذوب: لأن الناس -بتقاليدهم المجحفة – قد جعلوا من الزواج أمرا عسيرا؛ مما صرف أذهان الشباب عنه.
وهنا السؤال:
أهكذا يكون الحل ؟!
أهكذا يكون التفكير؟!
أبمثل هذا الفكر العقيم تعالج الأمور ؟!
لقد زعم شقي الدين الضلاليب بلسان خاله الكذوب أنه ساءه ما يعانيه الشباب من الكبت الجنسي، وأنه رأى تكاليف الزواج العالية عائقا دون إفراغ الشباب لشهواتهم الجنسية، فاقترح ما اقترح، وبئس ما اقترح، ولو أنه كان صادقا في مشاعره لاستقام فكره، فاتخذ من علمه ولسانه – بل ومنصبه- سيفا يهوي به على أعناق العادات البالية والتقاليد المجحفة التي جعلت من الزواج أمرا عسيرا، ولبادر كما بادر جميع المصلحين إلى الدعوة لتيسير الزواج بإلغاء الأمور ذات التكاليف الباهظة.. حتى يعود إلى سيرته الأولى: متنفسا حلالا للغريزة، وسبيلا للإعفاف، ووسيلة للاستخلاف. ولكنه عميت بصيرته، فرأى أن الحل الأمثل هو أن يضحي بالجنين والأم من أجل نجاح العملية؛ أي بأن يلغي الزواج ونديستبدل به نظاما آخر؛ لما يصحب الزواج من مشقة مادية منبعها تقاليد الناس لا الزواج في حد ذاته.
لقد صار سعد الدين في دعوته تلك كمن ينادي بتسريح الجيش وإلغاء مهن الضباط؛ لأن اللصوص ينتحلون شخصيتهم، بدلا من المناداة بتعقب اللصوص ومعاقباتهم، أو كمن ينادي بإلغاء مهنة الطب وإغلاق كلياته ؛ لأن كثيرا من المجرمين ينتحلون شخصية الأطباء في علاج المرضى. وهكذا يصير حالنا كلما جاءنا ضرر من شيء نافع فعلينا أن نلغي النافع كله تجنبا للضار الذي اختلط به، بدلا من تنقيته من أوضاره.
و ماهكذا يا سعد الهلالي تورد الإبل
يتبع……