الزمنُ المَريض والقلبُ المُثقل

فايز حميدي | شاعر فلسطيني – السويد 
-١-
أيُّها القلب
كلُّ الأضواء تبدو مُنارة
لكن الشَّوارع والأحياء مُظلمة
والصمتُ قاحلُ
وليلٌ غارقٌ بعماهُ
وذاكرةٌ مليئةٌ بالندوبِ
تلك المئذنةُ^ والمقبرةُ^ وأرصفةُ المدينة المُستباحة تُلوحُ لي عاتبةً وتبتسمُ!
هل انتهى كلُّ شيء ؟!
هذا الزَّمان ثَقيل كتنهيدةِ موجوعٌ
كزَفرة مُعتقل في مملكةِ الصَّمت
سارَ إلى الضوءِ طليقاً
ولم يغادرهُ ظلامُ السِّجن، معتقلُ الأعماقِ!
ووجه الفَجر أغمضَ ناظريهِ وانطفأ!!
والرُّوح تَغزوها كآبة الأعماقِ.

-٢-
يا قلبي المُثقلُ:
تُزين الوداعَ باحتمالِ اللقاءِ وتبتسمُ
أُمرِّرُ يدي فوق قفصِ القَلب
وفي زمن الظُلم المَفتونُ
يُفزعني الظلُّ وَيملأني الشَّك
وأمسحُ عن شفتيَّ العَطش
هي غربةٌ غَريبةُ المَلامحِ!

الجمعُ حَيارى في الظَّلامِ
وسيدةُ الأبواب السَّبعة^ ودروبُها
تأبى الغياب!
تتبصرُ ثرثرةَ مياهَ التاريخِ
في زمنِ التيهِ، وتبتسمُ!
وفي المُقلتين:
أحزانُ البلادِ وصمتُ القَلب وَزهر الغُوطتين
وعلى الجَبينِ:
سيماءُ الضَحيَّة ورملُ الأرصِفة
بالله عليكِ يَا سيدتي:
كيف تناثرَ حَنينك في سهوبِ يَبابي
وفي أصغَريَّ
كوشمٍ في الخَاصرةِ ؟!

يا بلاداً سكبتُ الرُّوح في مزمارِها
والضوءُ في أرجَائها
وأعطَتني ألوانَ حِبري
والعَوسجُ الشَّوكي مَغروساً على شَفتي
وخبأتْ تحت معطَفِها قطيعاً من الضِباع وشرَدتني!
باهتٌ دفءُ يَديكِ!
لكنَ ما للقلبِ للقلبِ ، عُطيلٌ في غيرتهِ ..
هيَّا خذي يَديَّ وَعانقيني
هيَّا تَعالي نُمزقُ قلبَ الليلِ
ونعبرُ الزمنَ المريض
فما زال عُطرُك في تلافيفِ الذاكرة!
عصفُ الرِّيح أذبلَ زهرُ اللوزِ
والكلماتُ صُلبت
والطُيورُ هَاجرتْ والعواصفُ كُثرُ
والقناديلُ غُيبت خلفَ أبواب الغيابِ
والخافقُ يعلوهُ الكَمد
والكونُ مَخنوق الشُّعاع
أيمشي عَلى الطريقِ يوماً صَباحُنا الأغرُّ ، وَنحتفلُ؟!
^^^
^ مئذنة جامع عبد القادر الحسيني .
^مقبرة اليرموك .
^سيدة الأبواب السبعة: مدينة دمشق .
(القدس الموحدة عاصمة فلسطين الأبدية ) ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى