هذا لِساني بابليٌّ

شفيق حبيب | فلسطين

دير حنا – الجليل الأخضر

سَقَطَ الزُّجاجُ على المرايا
في ضُلوعي …
وتبعْثَرَتْ قَسَماتُ وجهي
كالرّذاذِ على متاهاتِ الشّظايا
في سراديبِ الرُّجوع ِ
ألحزنُ … حزنُكِ يا فُروعي !!
وجذورُ أعصابي …
تَشُدُّ على جُذوعي ..
ألنّارُ تأكلُني …
وتأكلُ من مُكابَدَتي وَجوعي ..
واللّيلُ أحرقَ فحْمَـهُ ،
وأَبادَ ما حَمَلَتْ شُموعي …
||||
صَهَدَ الظّلامُ أشِعَّتي ..
وعلى جناحِ الرّيحِ
سافرَتِ البَيادرُ من رُبوعي ..
هذا لساني بابليٌّ ..
ضَيَّعَ الحَرْفَ المُطاردَ
في الشّوارع ِ …
والمصانع ِ …
والمزارع ِ …
في زنازينِ التَّحدّي والدُّموع ِ …
||||
نادَيتُ … لكنْ
ضاعَ صَوْتي في تراديدِ الصَّدى
وانداحَ في صَمْتِ الرّدى
لا من مُجيبٍ أو سميع ِ …
أهلي يُقبّلُ بعضُهم بعضاً
ويفنى العُمْرُ ..
ما بينَ التّذلُّلِ والرُّكوع ِ …
أهلي كفئرانِ الحقولِ
على غِلالِ القابضينَ على رقابِ /
على مقاديرِ القطيـع ِ …
||||
أَنا فارسٌ …
ضاعت سنابكُ خَيْـلِهِ
في حانةِ الزَّمنِ الوَضيــع ِ
أنا شاعرٌ …
ضاعت قوافي شِعْـرِهِ
في هزَّةِ الرِّدْفِ الخليع ِ
هذا زمانُ الفَحْشِ …
لا زَمَـنُ الكرامــةِ
والشَّهامَــــةِ …
والإمامَــــةِ …
والخُشــــوع ِ …
||||
ما كنتُ أُوثرُ
أن تبوحَ دفاتِـري …
ومحابــــري …
ومحاجِـــري …
بصدى انهياراتِ القُلــوع ِ ..
لا اللّــهُ يُسعِفُني …
ولا عربُ الجزيرةِ قادرونَ
على إعادةِ خـوذتي …
أو بعضِ درْعٍ من دُروعـي …
أَنـا أيّهـا الحلاّجُ زَلْزَلَةٌ
يُخبّئُهــا نجيعي ….

———
الحلاّج : هو أبو المغيث الحسين بن منصور (858 – 922 م ) شاعرٌ صوفيٌّ كبير ، صُلبَ في بغداد على يد الخليفة المقتدر بتهمة الزّندقة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى