معالي المثقف(8)

الشاعر أشرف حشيش | فلسطين

معالي المثقف!

المحبة لا تشترى ، وإن عُرضت في أسواق الشعارات للتحايل على الناس ، وتأطيرهم واستقطابهم من خلالها ، في بلاد تعيش تخمة حزبية، وكل حزب يدعيها ، ويتضخم بها ، وفي واقع الحال يفتقدها.

المحبة ابتسامة ( ابتسامتك في وجه أخيك صدقة ) المحبة كلمة طيبة ( مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء ).

وما شبهت الكلمة الطيبة ، بالشجرة الطيبة ،إلا لأنها تطرح ثمارا يطيب مذاقها . وكذلك الكلمة الطيبة تطرح محبة يطيب مذاقها.

المحبة تحية قلبية ( هل أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكم).

فكيف تتحقق المحبة بإشاحة الوجه ،وبالعبوس، وبالكلمة البغيضة ؟!

المحبة بالتحمل والتغاضي والتقبل ( لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).

هذه هي أدوات المحبة في ثقافة أمة التفت الشعوب حول لواء محبتها ، وامتشقت المجد على أضواء عزتتها.

ثم يأتي معالي المثقف ليرى في دفاعنا عن هذه المحبة إثما يحتمل عنصرية وبغضا وتحيزا ،

والسؤال: هل كانت هذه الأمة العظيمة تخرج من جب التخلف في أقل من مئة عام إلى قيادة العالم بالقوة وحدها ؟!

ما الذي وحّد الفقير مع الغني، والقتيل مع المقتول ، والأسود مع الابيض، والخادم مع السيد ، فاوجد منهم قوة عظمى ؟

من الذي جعل من أصحاب الثارات أخوة يتقاسمون بيوتهم ورغيف عيشهم ؟ بعد أن كانوا يقتتلون على بقايا تمرة ، وبئر ماء ، أليست المحبة ؟

معالي المثقف!

لو كانت المحبة تفرض بالسلاح لقتلت، ولو كانت تشترى بالمال لخسرت، ولو كانت تتحقق بالمنصب لخدعت وهرمت وأحيلت للتقاعد.

المحبة لا يتجر بها ، ولا تحتكر ،ولا تخص شعبا دون آخر ، أو تنتسب لشخص على أساس الفقر أو الغنى ولا تفرض بالقوة ، ولا تستخدم لتحقيق المصلحة إلا من قبل من جهلوا وظيفتها، فحفروا بمعاول بغضهم قبرها وقدموها بمعنى مشوّهٍ يخدعون الشعوب من خلاله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى