حاخام سوبر عنصري
توفيق أبو شومر | فلسطين
“لقد كسفت الشمس يوم موتك، أنت (النبي) موسى في عصرنا، العالم بعدك، سيختلف عما كان، نرجو عودة المشيح وقيامة الأموات، لكي تعود لنا من جديد!”
من أقوال ابن الحاخام عوفاديا يوسيف (دافيد) في جنازته يوم 7/10/2013.
حضر الجنازة ثمانمائة وخمسين ألف مُشيّع، وهي أكبر جنازة في تاريخ إسرائيل!
هذه الجنازة الفريدة تطرح عدة أسئلة:
أليست الجنازةُ دليلا على أن إسرائيل دولة دينية، وليست دولة مدنية، دولة يحكمها الحارديم المتطرفون المتزمتون، يرفعون للتضليل شعارات الحركة الصهيونية العلمانية، وهو شعارٍ علماني زائف، أما الشعار الحقيقي فهو تلمودي حريدي متزمت؟!!
أليست الجنازة استعراضا لقوة اليهود الشرقيين(السفارديم) أو المزراحي، لغرض بث الرعب في نفوس الإشكنازيم محتكري السلطات والثروات والمراكز السياسية والعسكرية في إسرائيل؟
أليست الجنازة مؤشرا على عودة زعامات الديماغوجيات الدينية، وهي تثبت نظرية الفيلسوف توماس كارليل: “ليس العالم سوى تاريخ الزعماء والأبطال”؟
هل جنازة عوفاديا يوسيف تصلح أن تكون مؤشرا، لزوال عهد (نجوم السياسة) وعودة عهد أئمة وحاخامي العقائد الدينية؟
من يتتبع حياة الحاخام عوفاديا يستغرب حجم ما فيها من تناقضات، تشبه إلى حد كبير تناقضات إسرائيل، فهو عربي الولادة والنشأة اسمه الحقيقي في سجلات المواليد في بغداد: عبد الله يوسف، ولد عام 1920 في أسرة يهودية فقيرة، تعيش على ربح دكانٍ صغير.
استعانتْ الجالية اليهودية في القاهرة بالشاب عوفاديا يوسيف ليصبح مرشدها الروحي قبل إعلان دولة إسرائيل عام 1947 فعاش في مصر سنتين معلما للتوراة، وقاضيا في بيت الدين، ثم عاد إلى (بتاح تكفا) في إسرائيل وصار قاضيا دينيا في القدس، وحصل على أكبر المناصب حين عُيِّنَ حاخاما أكبر لإسرائيل من عام 1973-1983 ومن يومها شرع في سلوك درب السياسة.
إن حياته تلخص بالضبط حياة إسرائيل في المنفى، ثم في إسرائيل، ففي الشتات كان معلما للتوراة، ولما عاد صار سياسيا بإنشاء حزب شاس السفاردي عام 1983، ثم بدأ ينتقل لطورٍ آخر، وهو الإساءة إلى مَن أحسنوا إليه، العرب طبعا الذين لم يضطهدوه، والفلسطينيين كذلك، فكشَّر عن أنيابه، كما فعلت إسرائيل بالضبط، وبدأ الهجوم على العرب والفلسطينيين، وإليكم بعضا من أقواله التي يمكن أن تسمى (سوبر عنصرية) وهي منشورة في الصحف الإسرائيلية:
” يجب ضرب العرب وإبادتهم عن بكرة أبيهم بصواريخ، على كيف كيفك،فهم أشرار”
” فليمحُ الله العرب أعداء إسرائيل، مثل أبي مازن وآخرين، وليرسلْ الله عليهم الطاعون”
” لا يجب الرأفة بالعرب، فالعربُ أفاعٍ سامةٌ ونملٌ ملوث، يتكاثر في البلدة القديمة، سيُدمر الماشيحُ العربَ عندما يعود وسيدمرالأمم المتحدة (يدعوت أحرونوت 28/7/2001م )”
من أدعية عوفاديا يوسيف للجنود يوم بداية حرب(عمود السحاب) على غزة الخميس 15/11/2012: “أدعو الله للجنود بالعودة سالمين، وبأن يموت أعداؤهم الفلسطينيون كالأشرار بالسيف، كما جاء في التوراة! فسيوفهم ستنفذ إلى قلوبهم وستُكسر أياديهم آمين آمين!”
ولم يكتفِ الحاخام عوفاديا يوسيف، بأدعيته ضد العرب، بل امتدتْ لتشمل كل الأجناس، إلا اليهود، فقال: ” خلق الأغيار على شاكلة البشر ليخدموا اليهود (الأفندية)”
“خلق الأغيار لخدمة دارسي التوراة، فالأغيار يفلحون الأرض ويزرعونها لنا لنأكل ثمرها، فهم كالحمير، يطيلُ الله في أعمارهم ليخدمونا”!!
الحاخام عبد الله يوسيف (عوفاديا) لخص حياة اليهود في ثلاثة وتسعين عاما، اليهود في المهجر، الذين عاشوا على خيرات العرب بسلام، تحدثوا بلغاتهم وأسسوا ثرواتهم، ثم صاروا دولة.
هاهي إسرائيل تعود إلى أصوليتها الحقيقية وتدعي السلام، مثل عوفاديا نفسه الذي بارك اتفاقية كامب ديفيد مع الأغيار المصريين، ثم أفتى بأنهم ليسوا بشرا، وإنما خلقهم الله في صورة البشر، ليخدموا إسرائيل، وقد أصبح شعار دولة اليهود النقية، هو المطلب الرئيس لكل الإسرائيليين، فلا غرابة إذا اعتبرنا الحاخام عوفاديا، هو نفسه إسرائيل!