قراءة في “حين هربت عاريات مودلياني”
الكاتبة اللبنانية مريم هرموش | القاهرة
هي رواية لا تشبه سوى ذاتها بكل تفاصيلها وجمالياتها الخاصة المنفردة، فهي لوحة فنية رسمها بإبداع محكم ومتقن الفنان الكبير أحمد الجنايني، حيث تحملنا فضاءات كلماته الساحرة إلى عالمه الذي كان يختبيء بداخله منذ أن كان طفلا صغيرا يصرخ بتمرد، متسائلا:
لماذا لا تتركوني أرسم لوحتي التي أحبها؟!
ذلك الطفل الذي كان يحبو بين تناقضات تمثلت في خوفه وروحه المرتعشة من غبار الذاكرة، وداخل، يسكنه نهر ونار وعاصفة.. وكبرياء فنان يبحث عن سماء تحتويه وأرض يزرع فيها قدميه، وهواء يعلن له الانتماء….
وبالرغم من ذلك، نجح في أن يمسك بخيط القرار الذي انحاز إليه بكل وجداناته وامتزج بأنفاسه ،ليبدأ بعدها رحلة البحث عن عاريات مودلياني في شوارع أوروبا، وكان شغف المعرفة هو جوازه للعبور نحو عالمه بحرية لا تقيدها قوانين الدراسة ولا تسلبها رغبة التحدي.
كان رأسه مسكونا بأحلام لم يستطع بعد القبض عليها، لكنه فتح للروح نافذة كي يعبر منها إلى حلم يراه ويراوده..تأرجح بنا ببراعة في فضاءات الذاكرة مطوعا الزمن الاينشتايني كما وصفه ما بين برلين عام ١٩٨٠ وبيروت ٢٠٠٢ ذهابا وإيابا،ليرسم لوحة فضاءها الذاكرة وظلالها الاغتراب، من خلال رحلة البحث عن عاريات مودلياني ليجد نفسه في لحظة أثيرية أمام لوحته الضائعة…..وحينها، انسحبت عاريات مودلياني متسللة من ثقب بباب الذاكرة..وانطلق طائر اللون الذي شكلت جنونه عواصف اللون وأمطار التحدي يشتعل بين الشهيق والزفير والمخيلة…..