ٱهات النادمين

خالد رمضان | كاتب تربوي مصري
في غسق الدجى، في أحضان العتمة القاتمة ترفع عينيك إلى النجوم الزاهرة، فيلمع بريقها، وتنهال دموعها وجدا وألما، وإذا بك تنتابك رِعشة قاسية، يا ويلتااااااااااه، لقد نظرت إلى ذنوبي فإذا بها كالطوفان الجارف الذي لا يرده راد، ولا يصده صاد، أو كأنها الجبال الراسية التي تصدعت صخورها، وأحجارها فتتساقط متهاوية وأنا ماكث تحت سفحها لا أجد لي مفرّا، ولا مناصا.
يااااااااا ألله !
لقد غلبت عليّ شِقوتي، وٱذتني ذنوبي، وزين لي الشيطان أعمالي الواهية، وزينت لي نفسي ذنوبي القاتمة، فوقعت فريسة بين براثن نفسي، ومخالب الشيطان، يا ااااااااا ألله.
ربااااااااه أتيتك تائبا ٱيبا نادما عازفا عن مهلكاتي.
فكم من زلّةٍ لي في الخفايا
وأنت عليّ ذو فضل ومنّ
إذا فكرت في ندمي عليها

عضضت أناملي وقرعت سَني
يظن الناس بي خيرا وإني
لشرُّ الخلق إن لم تعفُ عني
ما أسوأ أن يحقر المرء ذنوبه، ويستصغرَها، ويتمادى في غيّه وضلاله، وينسى أن معظم النار من مستصغر الشرر .
حينما حذرنا الله سبحانه وتعالى من الشيطان قال: “ولا تتبعوا خطوات الشيطان” لأن تلك الخطوات الصغار تجرك إلى الذنوب الكبار، وحينما نهانا عن الزنا لم يقل: ولا تزنوا، إنما قال: “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا “؛ لأن الإصرار على الصغيرة أشبه بالكبيرة.
ما أجمل أن ينقي الإنسان نفسه أولا بأول، فيكون كالصفحة البيضاء، فإذا وافته المنية وافته وهو أنقى وأطهر بني آدم.
ليس عيبا أن يخطئ الإنسان، ولكن العيب كل العيب أن يتمادى في خطئه وغيه.
ارفع يديك إلى السماء، وابكِ قدر ما تشاء، ففوق العرش ربٌّ كريم كثير العطاء، فامدد يديك إلى من عنده الريُّ الكامل .
إن قاتل المئة نفس مازال قلبه ينبض بالتوبة، فلم يقنت، ولم ييأس من رحمة الله، والمولى جل وعلا قبل توبته، ولكن كان عليه أن يغير الأرض، والناس لأن أرض المعصية لن تتركك ترحل عنها .
إلهي إن عظمت ذنوبي كثرةّ
فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسنٌ
فبمن يلوذ ويستجير المجرمُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى