تقنية الأثر ودرامية الحدث في قصيدة ،، كلام آخر للبحر،، للشاعر عبد الحكم العلامي

عمارة إبراهيم| شاعر وناقد مصري

 

أولا – القصيدة: كلام آخر للبحر

يحاول في الصحراء
فإلى الصحراء السعي
إلى ناشئة الغيث
وإلى مرتقب الماء!
رمد في عينيه
والنوق المستأجرة
تزفٌ الخبر إلى الغادين
وتحاور في الروٌاح
بأن الوقت القادم
يمثل في المابين!
^^^
فخذ الحذر
حاول أن تتحاشى
نفرة هذا الوقت !
إذ يبقيك على مقربة منه
تهادن في الرغبات
إذ تحملك الأولى
تلو الأخرى
إلى أيام البرزخ
لا أنت هنا لا
ولا يمتثل الشجر إليك
إذا ما غيض الماء !
وقتك آفل
تحث الغادي
لأن يبتدر أخاه الرّائح
كي ينتهج الواحد منهم
تلو الآخر
سبلا أخرى / ماء آخر
غير قصيٌ الماء !
وأن يتنزل في علياء الموج
يتهادى في منسوب
البحر،
حيث أناس صديانون
وأناس ليس لديهم ما بكفيهم
مما يهب البحر ،
غير بقايا مما ترك الصيٌادون
على قارعة الشط
فهمو ليسوا همو
ومامن ڜئ،
غير نساء يتندرن عليهم
في الغادية
وفي الرائحة،
وصبايا يتحرشن بهم
في رقصات ملتهبات
فرادى
وجماعات ،
ليس لدى الواحدة
أو للأخرى
غير كلام يتجملن به
وكلام آخر ،
لا يبقيه سراب الشط
إذ يلتهم البحر شريد
السفن !
يوقعهن ببن شراك الموج
لا هن هنا لا ،
ولا:
^^^
ثمة وقت في اللاوقت
يكمن في أيام البرزخ
حيث البحر يناور
بينا أيد
تتلقاه
وأيد أخرى
تشهق :
واغوثاه
واغوثاه !!

ثانيا – القراءة
تتنوع في تجربة الشاعر هنا المشاهد الشعرية عبر تقنية التراكيب التي تتوافق في بنيتها مع مزاجية أحوال القصيدة؛ لنجد المعادل الحقيقي للبحر في غموضه الذي يبرز منه الأثر الكبير في استقبال الحدث وأثره الفاعل داخل النفس البشرية ليكون الرابط الموضوعي منسجما متشابكا بين المعادلين -البحر،الصحراء-؛ محاولا إحداث علاقة عضوية في التقابل ومحاورة في شكلانية انتاجهما لتلك الترتيبات التي أحدثها الشاعر في سردية توترات أفعال المعادلين في حضورهما المتسجم.

كانت الصحراء هي ذلك المعادل للبحر في تقلباته وفي سكونه ليزداد منها الغموض مثله،وترتفع داخل النفس تواترات نفسية يكون لها الأثر الأهم عند الشاعر لبناء درامية الفعل عبر أنساق وتقنية مردودات نفسية، ربما كانت عالقة في ذاكرته من واقعية أحوال كان الشاعر نفسه أداة رصدها إنسانيا وجماليا، وربما كانت فيها معايشته الحقيقية.
النص هنا يستكمل حداثة شعرية تبني من تواترات وسيكلوجية الأحوال التي ارتبطت في بنية أفعالها من واقعية الأثر الذي استنبط مداراته من تقنية الاستقبال لدي الشاعر وقد ساعد في ذلك اختياراته للقاموس الشعري الذي يبني جماليات حضور فعله اللغوي من عمق أثر رهبة البحر ورهبة معادله_ الصحراء_ وامتلاكهما لأسرار وغموض العلاقة بينهما وبين الشاعر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى