الأستاذ عبد الله الشباط.. رائد لم يكذب أهله
د. بسيم عبد العظيم عبد القادر
قسم اللغة العربية ـ كلية الآداب جامعة المنوفية – مصر
كلية الآداب جامعة الملك فيصل بالأحساء سابقا
الأديب والكاتب الصحفي والباحث والمؤرخ الأدبي والأب الحاني الأستاذ عبد الله بن أحمد الشباط، أحد الرواد الذين أخلصوا في عملهم، فبارك الله فيه ونفع به، وشهد ثمار عمله تكريما في حياته.
ولعل هذا التكريم للأعلام هو خير ما تقر به أعينهم قبل ان يترجلوا عن أفراسهم، وينتهي مضمار السباق الذي قطعوه بجد واجتهاد، ليلقوا ربهم فيجازيهم أكرم الجزاء وأوفاه على ما بذلوا من راحتهم وأموالهم في سبيل النهوض برسالتهم وخدمة أوطانهم.
جميل أن يجني الأديب أو المفكر أو العالم أو الناقد ثمرة جهده تكريما في بلده، وخارج بلده، وهذا ما حدث للأديب والباحث والصحفي والمؤرخ الأدبي الأستاذ عبد الله الشباط، فقد تم تكريمه في مناسبات عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر، اثنينية عبد المقصود خوجة بجدة في 6|6|1416هـ الموافق 30|10|2996م، وتكريمه في مهرجان الرواد كأحد رواد الصحافة في المملكة العربية السعودية، وذلك بجامعة الدول العربية بالقاهرة منذ سنوات، وتكريمه في جريدة اليوم وجريدة الجزيرة، ونادي الشرقية الأدبي واثنينية النعيم الثقافية.
وها هو نادي الأحساء الأدبي، وقد كرم أستاذنا الشباط في ملتقى جواثى الأول منذ ثلاثة أعوام، يقوم اليوم بطباعة كتاب عنه، من إعداد الأخ الأستاذ محمد الخلفان، يجمع فيه ما كتب عن الشباط من مقالات، وهذا من باب الوفاء من جهة، ورد الجميل من جهة أخرى لابن الحساء البار الذي كتب عنها وعن أدبائها المعاصرين عدة كتب، كما كتب عن أدبائها وأديباتها في كتابه الموسوعي ” أدباء وأديبات من الخليج العربي “.
والحق أن الأستاذ عبد الله الشباط مؤسسة في رجل، فهو غزير النتاج الأدبي والنقدي والتاريخي والبحثي، وهو أحد كتاب جريدة اليوم المرموقين.
عرفت الأستاذ عبد الله الشباط منذ عقد من الزمان أو يزيد، في أحدية الشيخ الأديب أحمد بن علي المبارك ـ يرحمه الله ـ ثم في اثنينية النعيم الثقافية، وتوثقت صلتي به على مر السنين التي قضيتها في واحة الأحساء حيث كان حريصا على زيارة منتدياتها الأدبية والمشاركة فيها ودعمها بالكتابة عنها في جريدة اليوم، كما حضرت تكريمه ـ مع القاصة قماشة العليان ـ في نادي الشرقية الأدبي، وشاركت في تكريمه باثنينية النعيم الثقافية، وقد لمست فيه التواضع والإخلاص في العمل، و الحب، وهي كلمة جامعة لكل معاني الخير.
وقد كنت دائم التواصل مع شيخنا الشباط عن طريق صديقنا الأديب والكاتب الصحفي والشاعر الأستاذ خليل الفزيع، أو عن طريق مكتب جريدة اليوم بالأحساء.
وقد دعاني الأستاذ الشباط ـ حين علم اهتمامي بالأدب النسائي السعودي ـ من خلال كتابي: دراسات في الأدب النسائي بالاشتراك مع الأديب الأستاذ أحمد بن إبراهيم الديولي، دعاني إلى الاشتراك معه في الكتابة عن أديبات المنطقة الشرقية، واحتشدت للأمر واحتفلت به، وسعيت للحصول على موسوعة رواد التعليم في المملكة العربية السعودية، واستخرجت منها رائدات التعليم، ولكن بعد المسافة بين الأحساء حيث أقيم، والخبر التي يقطن بها أستاذنا الشباط، حال دون إتمام مشروعنا، وأسأل الله أن يمد في أجله حتى يحقق أحلامه ومشروعاته الأدبية، ومنها مشروع كتابه عن الأعلام الوافدين على الأحساء وأثرهم في نهضتها الأدبية، ولعله أنجز منه جزءا كبيرا، نشر بعضه في صورة مقالات في جريدة اليوم، وقد نالني منه نصيب حيث خصني مشكورا بمقال عنوانه ” منهل علم طاب منبعه ” يوم الأربعاء4|7|1428هـ الموافق 18|7|2007م.
وعهدي بالأستاذ الشباط أنه لا يقصر في الكتابة عن كل ما يخص الأحساء بحب غامر ورغبة عارمة في ازدهارها ورخائها وتألق ثقافتها وأدبها على خارطة الأدب في الخليج العربي، وقد كان يتابع الندوات التي قمت بالتنسيق لها إبان عملي في كلية التربية للبنات بالأحساء، تحت رعاية عميدتها الأخت الفاضلة الأستاذة الدكتورة مها محمد العجمي، ويكتب عنها مشيدا وموجها وناقدا، وأبرز هذه الندوات التي حظيت باهتمامه ندوة: الأحساء بين الأمس واليوم، ومن هنا فقد قمت بتكريمه في النادي الثقافي الأدبي الذي أسسته في كلية التربية للبنات بالأحساء وأهديته درع النادي، وسلمته إياه بمقر جريدة اليوم بالدمام، وقام بالكتابة عن هذا التكريم في جريدة اليوم.
وما زال الأستاذ الشباط يتابع بشغف ما يكتب عن الأحساء حتى اليوم التاسع من رمضان 1432هـ الموافق التاسع من أغسطس 2011م، وهو تاريخ كتابة هذه السطور، حيث كثب مقالا عن معجم شعراء الأحساء الذي أسهمت في إنجازه بنادي الأحساء الأدبي.
كما كتب عن ديوان سفير الأدباء وأديب السفراء الشيخ أحمد بن علي المبارك الذي قمت بتحقيقه والتقديم له، وانتقد الديوان في حب الراغب في الكمال، وقبلت نقده في حب الساعي إلى الكمال الذي لا ينال، كما قبل نقده بحب أيضا شيخنا السفير الأديب أحمد المبارك، فتعلمت منه درسا في قبول النقد بصدر رحب والإفادة منه، فرحم الله شيخنا المبارك، وبارك في عمر شيخنا الشباط، ونفع بعلمهما وأدبهما أجيال الشباب من الأدباء في الأحساء والمملكة العربية السعودية والعالم العربي.
وقد سعدت بالتعاون مع الأستاذ الشباط حين شرفني بمراجعة الطبعة الثانية من كتابه عن أبي العتاهية، فقمت بما كلفني به في حب وإخلاص ـ مع ضيق في الوقت وانشغال بالسفرـ يشهد الله على ذلك وأبوعاصم الذي اخترته للقيام بطباعة الكتاب لما لمست فيه من حب للغة والأدب، وإخلاص في العمل، حيث أسند إلي أستاذنا اختيار الطابع والمراجعة والإشراف على الطباعة. وقد استمتعت بقراءة الكتاب، استمتاعا يفوق الجهد المبذول في مراجعته.
كما طلب مني مراجعة كتاب آخر يقوم بإعداده، فلم أملك سوى الموافقة، وكان ذلك في فندق الإنتر كونتننتال حين سلمته كتاب أبي العتاهية بصحبة أبي عاصم، ولكن الأيام مرت سراعا، ورحلت عن الأحساء قبل أن يوافيني بالكتاب، وما زلت عند وعدي بمراجعته عن طريق البريد الإلكتروني، حبا للرجل ووفاء له، فللشباط في أعناق الأدباء والباحثين ومحبي الأحساء ديون كثيرة، بما أسدى للأدب في هذه الواحة الجميلة من ايد بيضاء تذكر فتشكر، نسال الله أن يجزيه عليها خير الجزاء، وأن يمد في عمره وينفع بأدبه وعلمه وخلقه.
وأخيرا فالشكر موصول لنادي الأحساء الأدبي على هذه المبادرة الكريمة بطباعة كتاب عن الشباط ابن الأحساء البار، وللأخ العزيز الأستاذ محمد الخلفان، على ضم مقالتي عن الشباط إلى كتابه، لأنال شرف المشاركة في تكريم هذا الرائد الكريم الذي لم يكذب أهله.