قاتل حقير

جدعون ليفي | صحفي إسرائيلي
“صحيفة هآرتس”
هل عدي التميمي، الجندي الفلسطيني المتهم بقتل الجندية نوعا لازار على حاجز شعفاط هو وبحق “قاتل حقير”، حسب تعبير رئيس الحكومة يئير لبيد؟ هل لازار، جندية معابر (ما هذا)، قتلت مثلما تنشر معظم وسائل الإعلام؟ عندما تنقص الذخيرة في آلة غسل الأدمغة فهي تخترع لنفسها مفاهيم لا أساس لها من أجل تعزيز حججها الضعيفة. “قاتل”، يطلقون على معارض عنيف للاحتلال، يقوم بقتل جندية حواجز (“قاتل حقير” وكأنه يوجد قاتل غير حقير). “جندية معابر”، وكأن أعمال الشرطة على حاجز ابرتهايد غير شرعي في داخل القدس هو قتال؛ “قتل”، وكأن الاحتلال يجب أن يمر بدون مقاومة، وأي استثناء عنيف من هذا النظام يتحول على الفور إلى عملية قتل، بل وحقيرة.
“ذات يوم كان هناك جنود يُقتلون. الآن هم يُقتلون بشكل متعمد”. الحجة ضعيفة، لقد رفعوا الصوت.
التميمي هو جندي في تنظيم سري يناضل ضد الاحتلال بطريقة عنيفة ووحشية. إضافة الى ذلك، للأسف هو من أطلق النار على عدد من الجنود في الحاجز وقتل جندية كانت تحاصر مخيم اللاجئين الذي ازدادت فيه الفظائع. هو قتل لازار لأنها جندية حواجز، حواجز تسقط أبناء شعبه وتنغص حياتهم. عندما انفجرت شاحنة مليئة بالمواد المتفجرة فوق الجسر الذي يربط روسيا وشبه جزيرة القرم المحتلة، وقتل 3 أبرياء في هذا الانفجار، فإن العالم وفي إسرائيل أيضاً صفقوا لمن قاموا بالتفجير. باستثناء الدعاية الروسية لم يطلق أي أحد على منفذي التفجير صفة “قتلة حقيرين”. المقاومة العنيفة للاحتلال الإسرائيلي هي شيء آخر. خلافاً لكل مقاومة أخرى تعتبر نبيلة وبطولية فهي غير شرعية. لماذا؟ لأن المحتل هو نحن.
الحزن على موت لازار، الفتاة – الجندية ابنة الـ 18، هو إنساني ومفهوم، حتى لو امتد في وسائل الإعلام لأيام طويلة. قبل يوم من قتلها قتل فتى أصغر منها، 14 سنة، هو عادل داود. عادل كان يجلس على أنبوب مياه مع أصدقائه قرب الجدار في قلقيلية. جندي إسرائيلي أطلق النار على رأسه وقتله من بعيد. في الجيش قالوا بأن الفتى قام بإلقاء زجاجة حارقة. وهناك شك في حدوث ذلك. ولكن على أي حال هو لم يعرض للخطر حياة الجنود الذين اختبأوا في كمين بين أشجار الزيتون على بعد عشرات الأمتار منه. هل الجندي الذي قتل الفتى، حتى لو ظهر أمامه كطفل، ليس “قاتلاً حقيراً”؟ لماذا لا؟ لأنه جندي إسرائيلي؟ لأنه يهودي؟ بماذا هو يقل حقارة عن التميمي، ابن عائلة اللاجئين الذي ولد وترعرع داخل الابرتايد وحاول مقاومته بالسلاح؟
هذه الأسئلة محزنة ومقلقة. وهي محزنة أكثر إزاء الطريقة التي قامت فيها إسرائيل بالحداد على لازار وتجاهلت بشكل مطلق قتل داود، رغم الفترة القصيرة بين الحادثين. الحديث لا يدور عن نقاش دلالي، بل عن نقاش أخلاقي. لماذا جندية الحواجز هي هدف غير شرعي في حين أن الفتى ابن الـ 14، حتى لو كان يحمل زجاجة حارقة، يستحق الموت. وباختصار، لماذا الجندي الذي قام بقنص الفتى وفجّر دماغه هو بطل في حين أن التميمي “قاتل حقير”؟
الجواب يكمن فقط في الانتماء القومي. لا يوجد أي شيء أكثر أخلاقية في قتل فتى على الجدار من قتل جندية على الحاجز. كلاهما وحشي، كلاهما يتسبب بكوارث فظيعة، ضدهما يجب النضال من أجل منعهما. ولكن عندما يضخم جهاز الدعاية وصف جريمة عمل ما ويتجاهل كلياً عمل آخر وحتى يعتبر من نفذه بطلاً، فعندها جهاز المناعة يكون مريضاً ومنظومة الأخلاق تكون مشوهة.
يجب البكاء على القتيلين، على داود ابن الـ 14 وعلى لازار ابنة الـ 18، كلاهما ضحية لواقع إجرامي وغير أخلاقي بصورة واضحة. من المفهوم ومن الطبيعي أن يحزنوا في إسرائيل أكثر على لازار، فهي منا. ولكن بين الحزن الطبيعي والعمى الأخلاقي يجب أن يمر خط واضح: إذا كان المقاتل الفلسطيني الذي أطلق النار على مجموعة من الجنود وقتل الجندية هو قاتل حقير، فإن الجندي الذي صوب بندقيته وأطلق النار على رأس الفتى هو قاتل حقير بدرجة لا تقل عن ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى