بابلو نيرودا
فارس مطر | شاعر عراقي – ألمانيا
أبدأُ بالموت بطيئاً
سافرتُ ولم أسبق جسدي
قلتُ مراراً
يحملني طيرٌ للأعلى
والأعلى، يمتصُ ذهولي
أقنعني الشعراء بفوضى الألوان
فنبهني رَسَّامٌ من أبناء الماء لسُحنَةِ صوتي
أوحى للنخل بتمرٍ ومواسمَ
عَدَّلَ عاصفةً..
صَفَّ قواربَه..
واجترح وجودي في اللوحةِ
عندئذٍ..
سَلَّمني للنهر برفق الريشةِ
تسبقني أغنيةٌ
قمرٌ يشربُ عاشقةً
قالت آمنتُ بكتفي حين يُقَبِّلُهُ الليلُ
وَيُمْهِرَ سفحَ نهاري
منذ عقود وأنا أمشي
زمني في وجهي يتكسر ُ
مسوداتٌ لقصائد تنبتُ في جيبي.. تشربني
نَشَفَ الصوتُ أخيراً
يعزفني نايٌ ويبثُّ جراحي نغمة شوقٍ
بأثير لا يُهملُ شيئاً
يجرحني وَتَرٌ ويعيدُ نشيدي الأولَ
حقلٌ يَخضَرُّ بصدري
أَكتافي ضَجَّت بالحورِ الفضِّيِّ
ينابيعُ..
سواقٍ يتجدَّلُ فيها الماءُ
فَراشٌ يتبعني
نحلٌ يُؤنسُ أنفاسي
ايقاعٌ يحملني للأعلى
والأعلى، وَهمٌ شِعريٌ
حين وصلتُ.. أو، حين ظننتُ..
رأيتُ الغايةَ مبهمةً وتُشير الى لا جهةٍ
ورأيتُ شتاتاً يُدهشني.. يسكُبُني بشتاتٍ أخَّاذٍ آخَرَ
أشجارٌ يرفعها نسغي تحملُ أوراقَ غيابي
شاعرةٌ فارعةٌ تقطفُ صمتاً..
تُسقِطَ جوزاً وحواراً من ثوب قصيدتها
وتعيدُ غناء الجبل الحالمِ حَجَلاً حَجَلاً
ورأيتُ أُناساً تتواتر
والأبيضُ يَغبِطُ من وصلوا..
أو ، من ظنوا..
ويشيرُ الى أن يمشوا نحو بياضٍ أرحبَ
يُسلِمُهُم للأرحبِ
سيروا وأَعيدوا نهجَ الأقدامِ
ابتكروا أسماءً تلحقكم فيها ما أوحى الآباء لكم
بابلو نيرودا
الحُلكَةُ فحمٌ في الأصوات المؤودة
المغمورون لهم عالمهم
وجفاف حناجرهم
المنجم يمحو الأزرق من أحلام مُرجأةٍ
نحبو فوق الاسفلت
ولكن الفكرة غيمٌ وخطى
نلبسُ روتيناً ومواتاً
لكن الصورة في المرآة قميصٌ قطنيٌ أبيضَ من وهجِ البهجةِ
ماذا يُمكنُ أن نفعلَ؟
أكثرَ من هربٍ صوفيٍّ نحو خيالٍ ووعودٍ
إغراءٌ يستدرجني للأعلى
والأعلى، خَدَرٌ ميتافيزيقيٌ