علاجي الناجع
عبد الغني المخلافي | اليمن
لم أكن أتوقع الكتابة تأخذني إلى هذا الجموح من الوله والشغف والجنون وعدم التشبع والاكتفاء منها، وكلما حاولت إرضاء نفسي بما انتجته، أجدني غيرَ مقتنع. فالكتابة غدت سلاحي الحاد ونافذتي التي ألتقط من فضائها أنفاسي والعلاج الناجع لمواجعي والمجدي لتوازني وتماسكي.
كنت في البدء أحلم بإصدار مجموعة شعرية ، بعدها قلت ربما أكتفي وأنصرف عن الكتابة وما إن صدر كتابي الأول حتى شرعت في الجد والمثابرة وتسارعت وتيرة حماسي وشعوري اتجاه ما انجزت وما سأكتب في القادم بالمسؤولية. عملت على تطوير مستوى أدواتي وتحسين أدائي والبحث عن آفاق وفضاءات معرفية واسعة وطرق أساليب متعددة في الكتابة وحفر و تنقيب واشتغال، لم يكن باعتقادي الوصول إلى هذا العدد من الإصدارات خلال تسع سنوات من الكتابة في الغربة مع وقتي الضيق وانشغالي في العمل.
لم تعد الكتابة هواية أجد فيها عوضي ومؤنسي، بل صارت حياة لا أستطيع الانفكاك عنها أو المضي دونها. قبل عودتي إلى الوطن بشهر أصدرت كتابي السادس وسط مشاكل وظروف صعبة، جعلتني أستعجل النشر خشية معوقات قد تقف بيني وبين نشره، في أثناء معمعتي تلك كتبت تسعة نصوص وأنا لا أدري ماالذي ينتظرني في الوطن، هل ستتوفر مساحة استمراريتي في الكتابة أم ستعترضني إشكاليات ممانعة؟. وهناك من كان ينتظر انطفائي بفارغ الحسد؛ ويظن أنه مآلي الأخير.
عدت محملًا بالكثير من الهموم والأوجاع والمخاوف، كل ذلك شكل احتقانًا تمخض على هيئة انفجار وتدفق ونزيف يومي في الكتابة، أكثر من نص أكتب أحيانا في اليوم، وأظن بأنني سأتوقف بعد عدة نصوص أو بعد أن ينضب احتقاني، إلا أَنَّ نزيفي اهتاج بشدة، وصرت كالأجرب كلما حك ازدادت رغبته في الحك أكثر، حتى وجدت نفسي أمام مجموعة متكاملة من النصوص دفعت بها قبل أيام إلى دار المثقف للنشر، ستكون حاضرة في معرض الكتاب الدولي القادم في القاهر، وثمة نصوص أخرى ستنضم إلى مجموعة قادمة، وهناك نصوص سردية متنوعة، وفي خضم التداعي والانهمار الكثيف ازمعت في كتابة رواية قطعت فيها ما يقارب الخمسين صفحة.