السكينة
تسنيم هلال حسن أبوزيد | السودان
كانت جدتي لأمي مصباحاً ينير عتمة الليالي يستفيض ضياءاً بتمتمات دعائها فلا تراها تهجع من الليل إلا قليلا.
نصبح وبسمات وجهها ترسل إلينا أشعة الأمل و تلاحقنا أمنياتها بالتوفيق وشحذ الهمم، نخرج وكلنا إيمان بأن يومنا ميسر بإذن الله كيف ولا وما كان في بيت كبير طاعن في السن إلا أحاطتنا بركاته. نكبر وتكبر يشتد عودنا ويلين عودها تخضر أوراقنا وأمام مرأى أعيننا تتساقط أوراقها التي كنا نستظل بها سنيناً عددا.
أؤمن جدا بأن الله إذا أحب عبدا إبتلاه فقد كانت جدتي تقية نقية طاهرة واصلة للأرحام هاشة باشة وما كان مرضها وما أعيا جسدها وألزمها الفراش طويلا إلا كفارة لذنوبها فازدادت طهارة وطغى على جبينها النور فاستحال جسدها حليبا أبيضا ناصعا لا يشوبه سوء ولا تخطأه العيون ولا يعكر صفوه مرض ولا علة.
رحلت عن عالمنا وما تزال همهماتها تطرق غرف أفئدتنا وخلجات أرواحنا، لا تزال رؤوسنا مشبعة بحنيننا، ذكرياتنا معها. فمن قال إن أحبائنا وإن وارى جسدهم التراب غائبون!
آلا رحمة الله وسكينته تغشاها فقد فازت وحازت وكان لاسمها كل النصيب في سكينتنا وألستنا تلهج بالمغفرة والرضوان من الله عليها إلى يوم نبعث أجمعين.