ليستْ هذه مدينتك

محمد خلاد السكتاوي | المغرب

(الصورة ساحة الوضوء بالمسجد الأموي في قرطبة)
اتركي طوْقَكِ للحمام
لا وجود في هذا المكان
لِحكايات الإلف والأُلاف

باب المدينة محروق
يبكيه الهديلُ الحزين
و تذكيه رياحُ النسيان
منه مرت مواكب الجنائز
لكل نعْشٍ جسدٌ واحدٌ وقبران

ليست هذه مديتنكِ
زمنٌ مُسيَّجِ بأشواك الخوف
واحة بعيدة عن الصحراء
ونافورة ماء صامتة تحت شجرة برتقال
في باحة المسجد الأموي
المنسي في قرطبة على حافة الوادي الكبير

اتركي طوقكِ للحمام
فابن حزم اختفى كي لا يُقتَلَ
بتهمة الفِسق و إفساد القلوب
والشاعر ذو الوزارتين
لم يُسْعفْه الغيْثُ حين همى
ولا موشحات العزف على أوتارالحنين
فأُحْرِقَ في فاس مرَّتين

تلك نهاية مدينةِ مُفجِعة
طريقٌ باتِّجاهيْن
مثل مخطوط فيلسوف متهم بالهرطقة
يبدأ من فُسَيْفِساء بستانٍ أندلسي
وينتهي في بحْر الظلمات
حيث مرفأٌ للموت
لا ترسو فيه سوى شواهد القبور
ومراكبُ أصْدَأَها الانتِظار

ليست هذه مدينتك
افتحي ساقَيْك للذّةِ الشَّبق
حتى يغضب الفقهاءُ
الحالمين بجنة حور العين
وحلِّقي ما استطعتِ إلى الغيمة البيضاء
فثمة سريرٌ لخلوة الخِلّان
تغطيه ملاءة ضياء رَهِيفة
في رحابة ليلة مقمِرة
مَمْسُوسَةٍ بالفرح
وجنونِ الأمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى