مملكة الشعر
سمير حماد | سوريا
كم كان أفلاطون قاسيا, حين طرد الشعراء من جمهوريته, متّهماً إياهم بالتمرّد على الواقع, وإثارة القلق والإزعاج للطبقة النبيلة, التي ينتمي إليها, ولطبقة الحكام التي كان نصيرا لها.
فالشاعر الحقيقي, كان وما يزال في صراع ومشاكسة مع الواقع, ولايقبل أبدا أن يكون في علاقة همود مع هذا الواقع, أو استسلام له, وإلاّ لما اعتبر نفسه شاعرا, وتوقف عن كتابة الشعر.
الشاعر يريد لواقعه وعالمه أن يظل متحركاً,متجددا باستمرار, وهو دائما, منشغلٌ في البحث عن الأجمل, والأفضل, والأروع, ..وهذا الانشغال هو مايزعج أي سلطة عبر التاريخ.
الشاعر دائماً ينظر بعيني المستقبل باحثا عما هو أكثر فائدة للأجيال القادمة والحالية… وهؤلاء الشعراء, وحدهم, يخلدهم الزمن ….رضي أفلاطون أم لم يرض.
أما أولئك الشعراء الذين يصفّقون للسلطة ويزحفون مقبلين أحذية الحكام ومن في ركابهم…سوف تُرمى قصائدهم على مزابل التاريخ, وسوف تُطوى صفحتهم… ويطردون من مملكة الشعر وديوانها المقدس, بعد أن تنتهي حقبة أسيادهم وتفتح صفحة جديدة لزمن جديد، وحياة جديدة.