لا ترحلي

شعر : عبد الصمد الصغير

لا تَرْحَلي وَاذْكْري شْيْئاً بَدا سّبَبا
وَراءَ ما فيكِ مِنْ عَزْمٍ وَلَوْ كَذِبَا

إِنّّي تَرَجَّيْتُ فيكِ الْمُسْتَحيلَ بِما
في الْقَلْبِ مِنْ طاقَةِ الْحُبِّ الَّتي سَكَبَا

أَنا أَيا امْرَأَةً هذا الْهَوى زَهِدَتْ
فُسْتانُ حُبٍّ لِشَمْسٍ تَعْصِرُ الْعِنَبَا

أَنا بِلا امْرَأَةٍ عِنْدي الْهَوى عَبَثٌ
وَآفِلٌ لَيْسَ في صُبْحٍ إِذا غَرَبَا

فَأَنْتِ يا أَمَلي نُورٌ لِفَجْرِ غَدي
يا بَهْجَةَ الصُّبْحِ بانَتْ تَغْزِلُ الذَّهَبَا

وَ يا قَراراً نَوى بُعْداً بِلا سَبَبٍ
قُولي، لِماذا النَّوى؟ قُولِي، وَلَوْ سَبَبَا

كَيْفَ اغْتَوى قَلْبَكِ الضَّوْءُ انْطَفى بِدَمِي
كَيْفَ انْتَهى مِنْ رَمادٍ لَمْ يَكُنْ حَطَبا

قُولي لِماذا أَراكِ الْقَلْبَ مُتْعِبَةّ
إني تَعِبتُ فلا تُبْدي لِيَ التعَبا

إِنّي أَوانُ قِطافٍ صارَ مُزْدَهِراً
في زَهْرِهِ عِطْرُ جَنّاتٍ وَ روحُ صِبا

كُوني مُرافِقَةً لِلْقَلْبِ مُخْلِصَةً
لا تَتْرُكي لي هُيامي ماثِلاّ كَغَبَا

تِلْكَ الْخَجُولةَ في عَيْنَيْكِ أَنْظُرُها
لا تَهْرُبي بِهِما لا تَخْفِضي الْهُدُبَا

إِنِّي إِلى الآنَ لَمْ أَمْدُدْ إِلَيْكِ يَداً
إِلّا ، وَعادَتْ بِقَلْبي يَحْمِلُ الْعَتَبَا

مُدّي السَّلامَ قليلاً  أَلْبِسيهِ يَدي
مُدّي يَداً لِلَّذي حُبّاً قَدِ انْجَذَبَا

إِنّي رَأيْتُكِ في بَدْءِ الْغَرامِ  عَلى
أُفْقٍ كأنكِ ضَوْءٌ يُطْلِقُ الشُّهُبا

أَطْلَقْتِ مِنْ شُهُبِ الْعَيْنَيْنِ مَلحَمةً
لِيُظْهِرَ الْقَلْبُ في إِعْجابِهِ السَّبَبَا

قَدْ كُنْتُ في حُبِّكِ الْأَسْبابَ أَشْرَحُها
حَتّى بَلَغْتُ الَّذي دانَ الْعُلا  فَكَبَا

كُلُّ الَّذي فيهِ قَلْبي صارَ يُتْعِبُني
لَمّا أُحاجِيكِ أَنْسى عِنْدَكِ التَّعَبَا

عَيناكِ تَخْتَرِقانِ الْقَلْبَ حينَ أَرا
هُما إِذا تُطْلِقانِ النُّورَ وَاللَّهَبَا

عَيْنايَ في حَيْرَةٍ، مِنْ لَوْعَةٍ تَرَيا
عَينيْكِ غابَاتِ فَجْرٍ تُخْفِيانِ ظِبَا

أَهْوى اللَّيالِي أُعانِيها أَراكِ بِها
طَيْفاً إِلى نَبَضاتِ الْقَلْبِ مُنْتَسِبَا

هَلْ صِرْتُ أَحْسِبُكِ الدُّنْيا وَبَهْجَتَها؟
أَمْ أَنَّني فاقِدٌ عَقْلي وَقَدْ ذَهَبَا

لَمْ تَتْرُكِيني عَلى أَصْلي، وَلَمْ تَدَعي
شَيْئاً بَدا هامِداً إِلّا وَقَدْ وَثَبَا

جُرْحي قَديمٌ، وَمِنْ أَهْلي أَبَيْتُ دَوا
أَشُوفُهُ في مُعاناتِي قَدِ انْسَكَبَـا

حُبِّي عَظيمٌ  وَفي تِطْوانَ مَعْقِلُهُ
حُبٌّ يُزيلُ الْعَنا عَنْ كُلِّ مَنْ تَعِبَا

فى الْحُبِّ لَمْ تَسْأَلي، لَمْ تَنْظُري أَبَداً
ما في الْجَوى خافِقاً يَدْعوكِ مُنْتَحِبا

ما شافَ هذا الْهَوى إِلّاكِ يا امرأةً
فَأَخْمِدي نارَهُ ثُمَّ اطْفِئي اللَّهَبَا

أَلْقَيتُ في الْعائِدِ الْمَنْسِيِّ أَسْئِلَتي
لِأُلْفِيَ الشَّوقَ رَجْعاً بِالَّذي سَلَبَا

ما الْحُبُّ إِلّا زَمانٌ أَنْتِ فيهِ مَعي
إِلّا اجْتِماعٌ لَنا لِنَنْتَشي طَرَبَا

مِنْ حُبِّكِ الْعارِمِ اسْتَلْهَمْتُ بَوْحَ دَمِي
في رَعْشَةِ الْقَلَمِ الرّائِي لِما كَتَبَا

مِنْ أَجْلِكِ اسْتَوْقَفَ النّاجي عُبُورَ دُجىً
مُسْتَوْقِداً مَنْ أَبى أَنْ يَجْمَعَ الْحَطَبَا

قُومي إِلى الْحُبِّ وَاسْتَوْفي الْهَوى أَمَلاً
عُودي كَأَوَّلِ تَكْوينٍ بِحُلْمِ صِبَا

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى