قراءة في قصّة الأطفال: “يا طير الطّاير” للكاتبة نبيهة راشد جبارين
بقلم: رفيقة عثمان
قصّة “يا طير الطّاير” تحت عنوان “أكتب عن بلدي وأرسمها”، هدفت هذه القصة تعريف الأطفال على بعض المدن وقرى فلسطين التّاريخيّةكما ورد في القصّة مثل: (القدس ويافا والنّاصرة، وأم الفحم، وبئر السبع، وصفد، وبيت جن، وطبريا).
كتبت الكاتبة الأغنية الشّعبيّة، بلغة عربيّة محكيّة باللّهجة الفلسطينيّة العاميّة، مستوحاة من أغنية محمد عسّاف، “يا طير الطّاير”؛ لذا من الممكن أن تُصنّف كأنشودة للأطفال، تُغنّى على لحن أغنية عسّاف.
تبدو الفكرة من القصّة أو الأنشودة جيّدة، وكذلك الرّسومات المرفقة، من تصميم الفنّانة إنصاف صفّوري؛ كذلك تبدو الرّسومات موضحة للبلدان المذكورة أعلاه ومعالمها، وبعض أماكن العبادة، وتراثها.
مأخذي الشديد على استخدام الكاتبة للّهجة العاميّة المحكيّة في القصّة، أو الأنشودة؛ من وجهة نظري التّربويّة، والّتي تناشد باستخدام اللّغة العربيّة الفُصحى؛ لأنّنا نسعى لتنشئة أجيال تتقن اللّغة العربيّة الفُصحى الصحيحة منذ الطّفولة. كما هو معلوم بأنّ اكتمال النمو العقلي للطفل يُستكمل لغاية عمر الثّالثة عشر عامًا، وخلال هذه الفترة يكتسب الطّفل كافّة المهارات، وتُرسّخ في ذهنه.
إنّ تعويد الأطفال على استخدام اللّغة العربيّة الفُصحى، يُساهم في تقوية المهارة اللّغويّة الصّحيحة، والتي سيحتاجها الطّفل في المستقبل، في كافّة مناحي الحياة؛ نظراً لقراءة الكتب المدرسيّة والقصص، والترجمات، وقراءة المضامين والمعرفة، من خلال وسائل التّواصل الاجتماعيّة المختلفة، فهي لغة رسميّة في كافة الدّول العربية، والمراسلات والدّوائر الحكوميّة، وهي لغة الإعلام والصّحافة.اللّغة العربيّة الفُصحى هي لغة القرآن الكريم.
باستخدام اللّهجة العاميّة، لا يمكن إكساب مهارات لغويّة جيّدة وسليمة، ناهيك عن استخدامها بالبيت مع أبناء العائلة؛ وتمكين الطفل من اللّهجة العاميّة، يعيق الطّفل من اكتساب اللّغة العربيّة الفصيحة الصحيحية، ممّا ينتج عن ذلك ازدواجيّة اللّسانالديجلوسيا، أي الدّمج في استخدام لغتين مختلفتين. -Diglossia
ذكر بعض الباحثين التربويّين حول الآثار السّلبيّة الناجمة عن استخدام اللّهجة العاميّة ” إنّ التّأثيرات السّلبيّة لكثير من اللّهجات العاميّة قد يستخدمها المعلّم داخل الفصل الدّراسي بقصد أو بدون قصد والّتي تؤدّي الى تكوين مشكلة لدى التّلاميذ في السّنوات الأولى من دراستهم، تكون لديهم كم معرفي يشوبه الكثير من الأخطاء في النّطق والّتي تؤثّر سلبيًّا على الكتابة والإملاء لدى التلاميذ، حيث أنّ المعارف والمعلومات والمهارات الّتي تدرّب عليها التلميذ في الصّغر تكبروتنمو معه، وتؤثّر على تحصيله العلمي والمعرفي بشكل سلبي، ويكون من الصّعوبة إزالتها والتّخلّص من آثارها وتؤدّي إلى الضّعف الّذي نلحظه في الكتابة والإملاء عند الكثيرين في المراحل، الدّراسيّة المتقدّمة حتّى الجامعيّة أحيانًا”.(بطرس، 1982: 67) (العدواني، خالد: استعمال اللّجنة العلميّة في التّدريس، وأثرها على التّحصيل اللّغوي على الطّلاب: موقع إلكتروني).
إنّ إكساب اللّهجة العاميّة للاطفال غير محبّذ، خاصّةً عند الكتابة للكلمات العاميّة أو المحكيّة، والّتي لا يفهما سوى أبناء البيئة المحيطة فقط مثل: القرية أو المدينة الّتي يعيش فيها الطّفل؛ برأيي هذا الاستخدام يُحد من قدرات الأطفال التفكيريّة، والمعرفيّة، والافتقار في اكتساب محصول ومخزون الثروة اللّغوية عند الأطفال؛
لذا لا يمكن تعميم ونشر القصّة أو الأنشودة بالعاميّةبين أطفال أنفسهم في قرى ومدن مختلفة من فلسطين؛ كذلك الأطفال من العالم العربي، وخاصّة الّذين يستخدمون لهجات مختلفة عند الأطفال الفلسطينيين، وغيرهم من أطفال العالم العربي. مثل:اللّهجة السّوريّة، والمصريّة، والخليجيّة، وغيرها من لهجات محكيّة، ستظلقصّة “يا طير يا طاير” محصورة لفئة محدّدة من الأطفال، ولا يمكن تعميمها. لا اعتقد بأنّ أي كاتب لا يرغب في نشر إبداعاته؛ ليستفيد منها الآخرون.
كما نعلم جميعً بأنّ التربيّة الحديثة تهدف في تنشئة الأطفال على أكمل وجه؛ بالارتقاء بقدراتهم في كافّة المجالات وأهمّها: اللغويّة، والتفكيريّة؛ لأنّهما مكمّلان لبعضهما البعض.ِ
لا بدّ من الخروج من هذا المأزق؛ لتفادي هذه الإشكاليّة، باستخدام اللّغة المعياريّة أثناء المحادثة فقط، أي دمج بعض الكلمات باللّهجة العاميّة المحكيّة مع اللّغة الفصحى أثناء المحادثة، وعدم استخدامها أثناء الكتابة؛ تجنّبًا للإلتباس.
خلاصة هذا الحديث، وبناءً على تجاربي الخاصّة كإنسانة مهنيّة في المجال التّربوي؛ في التأهيل النظري والعملي للمعلّمين، يُنصح باستخدام هذه الأغنية الشّعبيّة شفويًّا، وسمعيًّا من قِبل المربيّات في الرّوضات، ومن قِبلالأهل؛ مع دمج فعاليات وورشات عمل من الرّسومات، وبناء المجسّمات للبلدان المذكورة في الكتاب.
أرجو من الكاتبة المعذرة على هذا النّقد؛ وذلك للاستفادة التّربويّة، الّتي ننشدها لأطفالنا، والارتقاء بهم لأعلى المستويات العلميّة والتربويّة على حد سواء. وأتقدّم من الكاتبة بطلب تحويل الأغنيّة الشّعبيّة المحكيّة للّغة العربيّة الفُصحى، إذا أمكن ذلك.
والله ولي التّوفيق