وردة وقبلة ودمعة، لذكرى ناصر
د. خضر محجز | فلسطين
اليوم يوافق ذكرى مرور قرن وأربعة أعوام على ميلاد حبيب الملايين..
فلا جرم يذكر الناس ـ في ذكرى ميلادهم ـ فضائلَ من رحلوا، فيستذكرون ما قدموا، في لحظة يخشون فيها أن يتبخر ما قدموا بغيابهم.
قبل عبد الناصر، كانت مصر تبحث عن هويتها بين الهويات المختلفة: العربية والإسلامية والأفريقية، وحوض المتوسطية.
فنظر الفتى من «بني مُرّ» ـ بثاقب فكره ونداء دمه ـ فرأى أن الهوية العربية تجمع كل ذلك، فيما غيرها لا يجمعها:
فالعربي مسلم بالضرورة، وليس كذلك كل مسلم. والمصري متوسطي بالضرورة، وليس كذلك كل عربي أو مسلم. وهو أفريقي لا شك، وليس كل أفريقي مسلم أو عربي أو متوسطي.
فيا لعبقرية فتى جمع فأوعى!
ولا يدرك معنى ذلك كل خَتّارٌ كفور.
فإن شئتم ـ أيها العرب والفلسطينيون ـ أن تعرفوا بعض ما فعل ناصر، فتصوروا ما كان سيحدث لو كانت مصر مجرد دولة إسلامية كباكستان، أو متوسطية كإيطاليا، أو أفريقية كتشاد.
جمال عبد الناصر حسين. رحم الله فيك فتى جعل فلسطين قبلة العرب، وقد كانوا من قبل يرونها مسألة من المسائل.
رحم الله فتى صَنّع مصر ليعمل أهلها في بلدهم، فباع أنصارُ الاستعباد المصانع، ليستعيدوا مقت الطبقية الحاد.
رحم الله فتى منح الفلاحين أرضاً يزرعونها. ورحم فتى، سار على نهج عثمان: فحفظ القرآن متلواً مجوداً ونشره في العالم.
فرحمك الله يا حبيب الملايين..
مات عبد الناصر، كما يموت كل الناس. ولكن ذكراه ستبقى حية، ونحن نجددها بحول الله: فمن لا يشكر الناسَ لا يشكرِ اللهَ.
رحم الله رجلاً كلما تقادم موته انبعثت ذكراه.
فإن شئتم فتأملوا كيف مات شانئوه، فمُسحوا من ذاكرة العالم، وبقي ناصر في قلب العالم وقلوبنا.
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
رحم الله جمال عبد الناصر.
عاش جمال عبد الناصر.
والفاتحة