مصطفى العارف يدرس شعرية السرد عند شوقي عبد الأمير
فاطمة منصور | بغداد
صدر للناقد الأكاديمي الكبير الأستاذ الدكتور مصطفى لطيف عارف عن دار امارجي للطباعة والنشر كتاب (شعرية السرد عند شوقي عبد الأمير, المقولة والإجراء) وهو من الكتب الحداثوية الجديدة التي تضاف للمكتبة النقدية العربية, منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن كثر الحديث في النقد العربي الحديث عن شعرية السرد, وحاولت دراسات عديدة تحاول أن تسبر غور شعرية الرواية,والقصة ,وشعرية العنوان أيضا, غير أنه بالمقابل لم يتم الاهتمام بما يكفي بالظواهر السردية في الشعر إلا في حدود دراسات تقليدية تناولت الشعر القصصي كونه موضوعا أكثر من كونه شكلا مما يحرم قارئ هذا الشعر, أو قارئ نقده من الالتفات إلى كثير من جماليات النص, إن الدراسات الأكاديمية تمثل الانطلاقة في عملية البدء لمعرفة عالم الحداثة الشعرية, والسردية عند الشاعر شوقي عبد الأمير, إذ أن هذه الدراسة على الرغم من تمحورها حول الشاعر, ودراستها للشعرية السردية, أو السردية الشعرية عنده, إلا أنها توصلت في منطلقاتها إلى إظهار مجمل المبادئ التي أسست عليها.
فكان الفصل الأول حياة الشاعر شوقي عبد الأمير, إذ تناول المبحث الأول حياة الشاعر, ومؤلفاته الشعرية, والنثرية, العربية, والفرنسية, فضلا عن الانطولوجيات الصادرة باللغة الفرنسية, وعمله الثقافي, والدبلوماسي, والإعلامي, وفي المبحث الثاني تم ذكر آراء النقاد فيه, لإعطاء قدر الإمكان صورة مشرقة ناصعة عن حياة ,وشعر شاعر عراقي مغترب, عرف في العالم العربي, والغربي, ولم يعرف على الساحة الأدبية العراقية بسبب هجرته أكثر من ثلاثين عاما خارج العراق , فضلا عن ذكر بعض الأمسيات الشعرية التي أقيمت له في الوطن العربي قبل احتلال العراق, وبعده, تناول الفصل الثاني شعرية السرد النثري عند الشاعر شوقي عبد الأمير, في المبحث الأول البعد التنظيري للشاعر في كتابه (يوم في بغداد), وفي المبحث الثاني البعد الإجرائي تمثل بعدة مقتربات لدراسة العنوان, والزمان, والمكان والحدث , ولغة الحوار, وأخيرا الشخصيات, والفصل الثالث شعرية فضاء الرواية السيرة الذاتية, فكان المبحث الأول منه البعد التنظيري للشاعر في كتابه (إمضاءات), وكيف تجسدت السيرة الذاتية للشاعر فيه ,أما المبحث الثاني فكان البعد الإجرائي, وشملت الدراسة النقدية العنوان , والمكان, والزمن بأنواعه, زمن الخلف, والزمن الخارجي, والزمن الداخلي, والفصل الرابع شعرية الومضة, في المبحث الأول منه البعد التنظيري, وكان المبحث الثاني البعد الإجرائي عند الشاعر شوقي عبد الأمير, من التفرد والخصوصية, والتركيب, والوحدة, والإيحاء وعدم المباشرة, فضلا عن الدهشة, والذات الناضجة, والتكثيف اللوني الشديد, والعنوان.
وتناول الفصل الأخير الخامس شعرية التناص, فتناول المبحث الأول منه البعد التنظيري, والمبحث الثاني البعد الإجرائي أنواع التناص من ديني, وأدبي, واقتباسي, واشاري,وامتصاصي, وأسلوبي, فضلا عن تناص الشخصيات, وتناول المبحث الثالث قوانين التناص, كالاجترار, والامتصاص, والحوار, وانتهى إلى عدد من النتائج التي بينها المؤلف في خاتمة الكتاب,ومن ثم قائمة المصادر والمراجع.
ويعد الشاعر العراقي شوقي عبد الأمير من شعراء العراق الذين أسسوا لقصيدة حديثة بكل المقاييس التي عرفت بتاريخ الشعر العربي لما يمتلكه هذا الشاعر من نضوج فكري, وشعري, وأسلوب مغاير بكتابة القصيدة التي أخذت إبعادا, وأشكالا مختلفة لكنها في المحصلة النهاية تذهب إلى نفسه الشعري الفريد المتحصن بروح الأسطورة السومرية, والمتجذر بالمعرفة التاريخية التي اتخذها عبد الأمير منذ صباه ليرسم ملامح قصيدة عربية حديثة مختلفة عن قريناتها منذ بداياته الأولى التي تشكلت داخل العراق، فكانت قصائده الأولى تبعث اشراقات الأمل في الاحتجاج على السائد آنذاك,وعلى الرغم من كونه عرف على مستوى عربي, وعالمي ,ولكن اسمه ورد متأخرا إلينا, وللأسف الشديد بسبب الظروف التعسفية التي كان يتعرض لها الأدباء, والشعراء في النظام البائد من قطع وشائج الصلة بين الحركة الأدبية خارج العراق, لذا ولد شاعرنا شوقي عبد الأمير في مدينة الناصرية بتاريخ 12 /9/ 1949م, لعائلة كان ربها من أساتذة المدينة الذين قاموا بدور علمي, وتربوي في مدارس المدينة آنذاك, ليعيش صباه في قضاء سوق الشيوخ بمدينة الناصرية,التي هي الامتداد لبقايا مدينة أور السومرية ,وسوق الشيوخ عند شوقي هي ينبوعه الشعري الذي لم يجف بعد بالرغم من انه غادرها منذ نصف قرن, ولم يعش فيها إلا عشر سنوات, هذه المدينة تنام على شاطئ الفرات الذي يرتفع بسد رملي لمنع الفيضان فيها عرف الشاعر أول صور الحياة النهر,والنخل,وكذلك صور الموت, المستشفى, الجرحى, الجنائز, المقبرة وكان يتأرجح بين هذه الصور,وما زال عندما يكتب الشعر فان الصور التي راكمتها في تلك المدة.