هنادي

قصة: عصري فياض
هذا البيت لا ينام بالرغم من أن أبناءه الأربعة في غياهب السجون،آخرهم نجا من الموت بأعجوبة،ونالته عدة رصاصات قبل أسابيع،خامسهم خرج منذ فترة قريبة من الأسر،وسادسهم فداء متوقد الاندفاع، بالرغم من سنه الذي لم يتعدى الأربعة عشر ربيعا،يهيأ نفسه للشهادة،وسادسهم أحمد أصغرهم لا زال في سن الطفولة البريئة،أما أمهم فقد اكتوت بالاعتقال في الانتفاضة الأولى،عندما كان أبنائها أطفالا،تعيش حالة الحزن على شقيقها علاء الصباغ قائد كتائب شهداء الأقصى الذي إستشهد قبل أشهر في عملية إغتيال مدبرة، أما إبنتها هنادي التي أكملت عقدها الثاني منذ أشهر،كانت أكثر أفراد العائلة تأثرا بما حصل لأخوتها وأمها وخالها،وخصوصا شقيقها يوسف الذي يصغرها بسنوات… كان هذا البيت أيقونة من إيقونات مخيم جنين في الانتفاضة الثانية.

===

كانت الساعة الواحدة والربع من ليل الخامس عشر من تموز الواقع في العام 2004،رتل كبير من آليات الاحتلال تقتحم المخيم من جهة حارة الدمج،وتنزل على بيت هنادي، تطوقة من كل مكان،وتفجر الباب،وتدخل وتطلب بطاقات الهوية للبنات،وهذا شيء غير متعاد،إستغرب رب البيت من هذا الطلب،فعاد الضابط الطلب بفضاضة،ولما دقق في بطاقات الهوية التي بين يديه قال :- أين هنادي ؟؟

قالت : ها أنا ذا ؟؟ ماذا تريد ؟؟

فقال : أين قداء؟؟ .. يقصد شقيقها الصغير

رد فداء : ماذا تريد ؟؟

عندها أمر الضابط بتكبيل يديّ هنادي وفداء،ونقلهما إلى إحدي الآليات العسكرية التي تنتظر في الخارج… لكن إطلاق النار بدأ ينهال على الجنود من عدة أماكن من حواري المخيم.. الضابط أمر جنوده بالتوقف عن تنفيذ الأمر حتى يصمت الرصاص..

بعض الوقت هدأ الاشتباك الذي جرى بين مجموعة من الشبان وجنود الاحتلال،فزج بهنادي وفداء على مقعد في سيارة عسكرية يقابلهم مجموعة من الجنود الذين شرعوا بضربهم بمقدمات أحذيتهم العسكرية على ركبتهيما وأقدامهما،وسارت قافلة السيارات باتجاه حارة الدمج ومنها خارج المخيم..كانت هنادي ترقب نوافذ البيوت وهي تشاهد سكانها يسترقون النظر منها بحذر،حتى صرخت الحاجة صبحية العمار من أحد الشرفات وقالت بصوت عالٍ:- الله يقويك.. الله يكون بعونك…

هذه العبارات رفعت من معنويات هنادي التي لم تكن قلقة على نفسها فقط،بل هي أكثر قلقا على شقيقها الصغير،كما كانت في حيرة من أمرها من فرط ما رأت من آليات عسكرية تمدد من حارة الدمج حتى طلعة الغبس المحاذية للمخيم..

دقائق عصيبة حتى وصلت بهم الآليات في معسكر سالم، هناك تم تعصيب عيني فداء، وتقيده إلى الخلف،وألقي به على حصى قاعة متوسطة نسبيا،بينما إقتديت هنادي إلى داخل القاعة،ثم إقتادوها لغرفة الطبيب لإجراء فحوصات روتينية، ومن ثم إقتديت إلى غرفة التحقيق لتجد نفسها أمام ضابط إستخبارات عرف عن نفسه مدعيا أنه ضابط إستخبارات معسكر سالم،وشرع بتوجه الأسئلة والتحقيق معها لوقت طويل،لكن هنادي التي تواجه هذه التجربة للمرة الأولى،حافظت على تماسكها وثباتها أمامه بكل صبر.

===

وبعد ساعات من الاستجواب ، تمت إعادتها إلى القاعة ذاتها،فلم تجد شقيقها في مكانه،فزاد قلقها،ومكثت عدة ساعات أخرى في حالة من الشبح والتحكم القاسي من قبل مجندة كانت تراقبها طيلة الوقت،حتى جاءت سيارة شرطة،فيها عناصر شرطة وشرطيات ذوي ملابس مختلفه،ونقلوها إلى جهة غير معلومة بعد آن أعصبوا عينيها،وكبلوا يدها وقدميها..

===

السفر هنا قِطَعٌ من العذاب،تغمية العيون، والقيود والصمت والسرعة والاستفزاز، ساعتين تقريبا من هذه الحالة حتى توقفت السيارة بعد سماع أصوات أوحت بفتح عدد من الأبواب، فأونزلت هنادي وهي معصوبة العنين،وساروا بها مسافة من الخطوات لتنزل بعدها درج كثير ،فأدخلت مكان أغلق عليها بعد أن رفعت العصبة عن عينيها لتجد نفسها في قفص حديدي محصن..

تسألت :- أين أنا ألان؟؟؟

قال أحد السجانين :- في هشاون

أعادت السؤال :- ماذا يعني هشارون؟؟

رد قائلا :- تلموند

تذكرت هنادي عندها أن والدتها كانت في هذا المعتقل في بداية التسعينيات.. وبعد إجراءات روتينية…سيقت هنادي إلى باب أحد معابر السجن،فحضرت ممثلة المعتقلات هناك وكانت الأسيرة آمنه منى،فقال لها أحد مسؤولي السجن:- في أي غرفة يوجد لها مكان؟؟

ردة منى :- في غرفة ثمانية

فدخلت هنادي المتعبة والمرهقة والتي لم تتذوق طعم النوم،وبعد التعرف على الأسيرات في تلك الغرفة غطت في نوم عميق…

===

في مساء اليوم الثالث من التواجد في غرفة ثمانية، وبعد العدد المسائي، حضرت إحدي السجانات إلى باب الغرفة وقالت : هنادي.. غدا محاكمتك كوني على إستعداد منذ السابعة صباحا

بلعت هنادي ريقها،وعاد إليها التوتر والانتظار لما سيجري،إقتربت منها الأسيرات وبدأن برفع معنوياتها،وقلن لها: لا تخشي شيئا.. قد يكون إفراج أو تحقيق. عليك الثبات.. لا تأمني أحداً، ولا توقعي على أي ورقة …

وسهرن معها حتى ساعة متأخرة من الليل،حتى جاء الصباح ولم تسرق من ليلتها بفعل القلق ألا دقائق من النوم،كانت تتقطع بين الصحو والنوم.

ودعت من كن معها في الغرفة وخرجت إلى حيث إقتادوها وزجوها في سيارة النقل،وتوجهوا بها إلى معتقل المسكوبية، وهناك أحضروا فتاة أخرى ملابسها أنيقة،وهي محجبة ووضعوها إلى جانبها،وانطلقت بهما السيارة إلى المجهول

في تلك المسافة الممتدة من المسكوبية إلى معتقل الجلمة، كانت السجينة الثانية قد دخلت بأسئلة فضولية مع هنادي بطريقة أشعرتها بالتوجس والخيفة..فكانت تجيب بحذر،ولما اقتربت السيارة من المكان المقصود،أدركت هنادي أنها على مدخل معتقل الجلمة عندما تذكرت نفس الطريق التي كانت تحضر لزيارة والدتها وهي صغيرة في هذا السجن…

بعد الإجراءات الروتينية من أمانات وفحص،إقتديت لغرفة التحقيق التي كانت تحوي طاولة وكرسي مربوط بالأرض بواسطة قفل، فأوجلست عليه وهي مقيدة اليدين والرجلين،وعينيها مغطتان بنضارة سوداء كبيرة لا يظهر منهما أي نور أو أي صورة..

الحركات الأولى هي حركات ترهيب … كل فترة يدخل أحدهم : هل أنت هنادي ؟؟

ترد : نعم

يقولون : أنت شيقية يوسف ؟؟

ترد : نعم

يشتمون… يطرقون الباب.. يركلون الكرسي.. ثم يغيبون

هذه الحالة استمرت لساعات حتى جاءت المجندة واقتادتها إالى إحدى الزنازين الضيقة التي هي أشبه بالقبر الضيق جدرانها خشنة لا تريح من يتكأ عليها،فيها فرشة بلاستيكية رقيقة، وبطانية قذرة مبتلة،وعلى طرفها الأسفل مرحاض مكشوف أو نصف مكشوف كريه الرائحة، أما الاضاءه فهي شديدة لتكون مع واقع الزنزانه عقابا دائما.

دخلت هنادي وتقوقعت في زاوية الزنزانه،تغرق في التكفير والقلق فيما سيحصل،وبين قلقلها وتعبها كادت عينيها أن يغطان في سهو مباغت، لكن باب الزنزانه فتح بقوة من جديد.. أفاقت من سهوتها ونظرت للأقدام التي ستظهر.. انه حذاء السجينة التي كانت في السيارة معي بالأمس..رفعت هنادي رأسها،فإذا هي..لكنها قد أبدلت ملابسها ، فزادت الشكوك إتجاهها، وما أكد أنها “عصفورة” تم دسها لهنادي من أحل الايقاع بها،هو طبيعة الكلام الذي بدأت تحدثها فيه..حيث قالت هذه السجينة المشبوهة :

هذا السجن ليس لنا نحن البنات.. السجن للرجال.. أنا إعترفت وتكلمت مع أبنائي .. لقد وعدوني آن انقل سريعا إلى سجن الأسيرات لأرتاح هناك….

لم تدم إقامة السجينة مع هنادي كثيرا من الوقت،لقد جاؤوا وأخذوها الى مكان مجهول،وبقيت هنادي تنتظر حتى الصباح ليتم إقتيادها إلى غرف التحقيق من جديد،وهذه المرة أمام محققة عرفت على نفسها بأنها ” عنات”،كانت الأسئلة تتركز على علاقة هنادي بفتاتين اعتقلتا،وعلى أسماء كانوا ضمن مجموعة شقيقها المصاب يوسف،وبين أسلوب الترهيب والترغيب،والتحدي في مواجهة من تدعي المحققة أنهم إعترفوا عليها ،وأنهم جاهزون لمواجهتها ،صمدت هنادي ورفضت كل التهم الموجهة إليها….

وإستمر التحقيق يوما بعد يوم مرة أمام “عنات “ومرة أمام محقق يدعى “أبو جميل” و وآخر يدعى “أبو منير” ورابع يدعى “سغيف” كان المحقق الرئيسي في قضية يوسف، وقد إنقضت الأيام الخمسة عشر الأولى على هذا المنوال حتى إقتديت إلى محكمة الجلمة العسكرية لتمديد التوقيف،فأدخلت في غرفة الانتظار،وتتفاجأ بمخطوطات خطها أسرى ومعتقلون من المخيم مروا في هذه الغرفة منهم تحرير ضباية ورائد الأمين ويحيى الزبيدي،فشعرت بشحنة من المعنويات، وقامت بكتابة إسمها على الحائط لتشاركهم هذه الكتابات لعل أحداً ما يمر من هنا،ويكون محتاج لمعنويات صمود وثبات…

===

سبعة عشر يوما إضافيا تم تمديد هنادي،فعادت إلى غرف التحقيق،وهذه المرة إمام “عنات” مرة أخرى، وذات يوم ، وأمام صمود إلهام فقدت “عنات” أعصابها،وأخذت تصرخ وتشتم وتلعن وقامت كالمجنونة ،ففقدت توازنها ،ومالت إلى الخلف فوقعت بجسمها على الحائط الذي يبرز منه جهاز الأنظار،فدوت صافرة الإنذار، فهرع المحققون على رأسهم مسؤول التحقيق في الجلمة المدعو ” الميجر” بعد أن ظنوا ان هنادي قد هاجت المحققة “عنات”.. حالة من الصراخ و العصف والترهيب والسباب والشتائم..

قال “الميجر” : إخرجوا جميعا…

فخرجوا.. إقترب بوجهه من وجه هنادي وشرع بالصراخ والشتائم وتلفظ بكلمة نابية جارحة، وهي التي لا زالت تجلس على الكرسي وهي مقيدة اليدين والقدمين والكرسي مقيد بالأرض أيضا، لم تجد ما ترد عليه إلا ببصقة حفرت جبينه… وإنتشرت على مساحة وجهه

هاله ما قامت به … بعدها،لم تعد هنادي تتذكر ما حصل،كان آخر مشهد حفظته ذاكرتها عندما رفع يده.. لتجد نفسها بعد ذلك في زنزانتها،وآثار الضرب المبرح على جسمها…

===

بين الصمت المخيف في مقبرة الزنازين، والضغط المتصاعد في غرف التحقيق،كانت أيام هنادي تتوالى، ولأن الحياة لا تستقيم على حال، فقد كانت تبرز بعض الأمور التي تساعد على تخطي الصعاب، منها صراخ الشبان الأسرى في الزنازين العليا،وخاصة عندما تسمعهم ينادون بعضهم ويقولون أن هناك أخت معتقلة في الأقبية السفلية،أبلغوها أن تحذر من فلان وفلان.. وكانت تسر أكثر عندما تسمع صوت المعتقل إيهاب السعدي إبن مخيمها الذي كان يقول لها دون أن يعرفها:- إصمدي ولا تخشي شيئا..

كان يؤنسها ذلك، وقد آنسها وجود أسيرة في زنازانتها إسمها ريم دراغمة،فقد عادت مرة من التحقيق لتجد ابنة الستة عشر سنة، وقد تقوقعت في زاوية الزنزانة تبكي،للوهلة الأولى كل منهما خشي من الآخر،لكنهما سرعان ما انسجامها، فأصبحت هنادي مؤنسا وحاضنا لها،شجعتها وقوت من معناويتها،وبقيت معها أسبوعا كاملا قبل أن تنتقل إلى زنزانة ابن خالتها أمنة دراغمة،لتبقى هنادي في زنانزانتها الانفرادية مرة أخرى لأسبوع آخر،ثم تم نقلها إلى زنزانة ريم وآمنه…

لقد كان المحققون يسلمون المعتقلات أوراقا وأقلاما لكتابة اعترافاتهم بمحض إرادتهم،المعتقلات كن يرسمن رسومات على تلك الأوراق،أو يكتبن عن أنفسهن على جدران الزنازين،ويلهين معا.. يضحكن معا.. حتى مضت الأيام السبعين ليتم بعد نقلها مع أمنه دراغمة معا إلى سجن الرملة أيلون..

===

برغم الصيف، والحرارة العالية، لكن برودة الزنازين التي لا زالت تسكن عظامها،لم تكن تستكين إلا عندما تجلس في وسط الساحة تحت الشمس الحارقة،كانت تسارع إلى حمل المذياع لسماع رسائل الأهل للأسرى لتطمئن على أهلها وخاصة شقيقها يوسف الذي تركته في حال خطيرة،وشقيقها فداء الصغير الذي لم تعرف عنه شيئا،ومع أول زيارة دخلت بلهفة، لكن بكاء الأسيرة قاهرة النابع من عمق قلبها عندما شاهدت أبنائها الخمسة أعاد لها الذاكرة عندما قدمت لزيارة والدتها… مشهد أبكى الجدران الصامتة .. تقدمت هنادي وهي تمسح دموعها فوجدت شقيقها الأصغر أحمد،فقد ذهب فداء لزيارة شقيقه يوسف في معتقل سجن مشفى الرملة المحاذي، فقط الطفلان فداء وأحمد من سمح لهما بزيارة هنادي ويوسف،وباقي الأخوة المعتقلين أيمن ومحمد وسيف يمضون سنين سجنهم دون زيارات من أحد..

أما المحكمة،فقد كانت فصولا طويلة ومتواصلة من التأجيل، وبالرغم من مطالبة النيابة بالسجن الفعلي لمدة سبع سنوات، في ختام الجلسات تمكنت المحامية من تحميل شقيقها يوسف جانبا من الحكم، وخرجت هنادي بصفقة قضت بحكمها سنة كاملة وغرامة الفي شيكل..

في إحدى جلسات المحاكم التي كانت تجري في محكمة سالم العسكرية،كانت هنادي تقف على باب قاعة المحكمة بانتظار دخول القاضي،كانت تقف وبجانبها معتقلتيين آخريين،سمعت سعال أمها في قلب القاعة، صرخت :

هذه قحة أمي..

حاولت التقدم وفتح الباب، لكن السجان منعها، لم تيأس….، غافلته بالرغم من أنها مقيدة اليدين والرجلين، وفتحت الباب وصرخت :يما

شاهدتها أمها وإبتسمت ورفعت لها إشارة الإشادة ” اللايك”

جن جنون الجندي الذي دفعها وأغلق الباب،ومنعها من الحديث او الكلام.. دقائق دخلت المحكمة وبحضور القاضي أخذت تسأل عن حال والدها ووالدتها الذين يقفون أمامها،لم تأبه لتحذيرات الجنود والتهديد بطردها خارجا..

يوم آخر من يوم المحاكم ،وصلت صباحا في ” البوسطة ” فنظرت لباب إحدي القاعات،فرأت عكازتين أمام باب المحكمة،أدركت أنهما عكازتا شقيقها يوسف، فقد علمت من المذياع أن اليوم محاكمته..تمسمرت أمام باب زنازانة الانتظار وهي تنادي،سمعها الاسير خليل مصباح.. وأكد لها ان يوسف في المحكمة…

بالرغم من الانتظار واللهفة طيلة الساعات الطويلة،وهي تنتظر رؤية يوسف،وأمام إلحاحها عند إخراجها عنوة للعودة للسجن دون أن ترى شقيتها، فأخذوا يعنفوها ويجروها بشدة حتى استنفر الأسرى وقاموا بالصراخ على المجندين، فحصلت مواجهه بين الأسرى والمجندين أدت الى تعرض أسير من مخيم عسكر للضرب المبرح ،أفقده وعيه لأكثر من ساعة، وتورم وجهه لأكثر من أسبوع كامل.

===

قدمت هنادي طلبا لسلطات السجن من أجل زيارة شقيقها المصاب يوسف، فقبل الطلب وتم تحديد الموعد، وفي اليوم المحدد أخْرِجَتْ هنادي من القسم الذي تسجن فيه،ونقلت لقسم الزيارات لتدخل الغرفة وتشاهد شقيقها الذي لم تره منذ أشهر طويلة وقد نحل جسده بشكل كبير الى جانبه عكازتيه وبعض البلاتين الذي كان في يده وجراحه التي لا زالت ظاهرة عليه.. أنزلت عينها وشرعت بالبكاء.. يوسف التي تمالك نفسه قال لها: أريدك قوية … أنا فخور بك وبصمودك .. لا تقلقي عليّ…

إستعادت قوتها وشرعت تكلمه وتسأله عن صحته وجراحه،ومضى الوقت التي إختتم بابتسامة ثبات وإصرار على الارداة وعادت إلى غرفتها في السجن تقلب مواجع ما رأت من هزال جسد أخيها.. لكنها تذكرت كم كانت روحه المعنوية في شموخ..

===

عام إنقضى خلف القضبان، وحانت لحظة الحرية،الذي لا يغادره السجان دون أن يحشوه بعذاب الانتظار واللعب بالأعصاب/ هنادي التي بُلِغَتْ بالاستعداد لمغادرة السجن إعتباراً من الساعة السابعة صباحا لا زالت تنتظر،مضت الساعة السابعة،وخرجت الأسيرات للفسحة،وإنتهت الفسحة،وحل وقت الظهيرة والعصر والمساء،ودنت الشمس من غمدها، حتى الساعة السادسة والنصف،جاءت المجندة،وأخرجتها بعد وداع مؤثر بينها وبين باقي الأسيرات خصوصا قاهرة التي أوصتها بمتابعة أبنائها الخمسة،وخرجت إلى الإجراءات التقليدية،ووصلت مساء الى حاجز جبارة غربي طولكرم،هناك لم تجد أهلها بسبب وجود منع للتجول على المخيم والمدينة ، بل وجدت أناس من طولكرم في انتظارها بطلب من أهلها، حملوها الى مدخل جنين قرب منتزه جنات،حيث كان فداء أول من ركض تجاه السيارة وملاقاتها فإلتقفته بشدة وهي تتذكر رحلة العذاب الطويلة المؤلمة..

المهم أن هذا العناق بين هنادي وفداء، لم يدم، لقد إرتقى فداء شهيدا بعد عام تقريبا منه….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى