قُلْ للعروبةِ تنسجِ الأكفانا

 مجد ابوراس-شاعر سوري

قُلْ للعروبةِ تنسجِ الأكفانا

مالم يعد ْ أبناؤها إخوانا

مالم يعد ْ شرعُ الإلهِ محكّماً
في كلِّ شاردةٍ وأعظمَ شانا

الجهلُ ينزغُ بينهم متـمـرداً
والحقدُ فيهم يقتلُ الإنسانا

والخوفُ عشّشَ في النفوسِ تقيةً
وكأنّ فـي حيـطـانـهـم آذانا

والدينُ أصبحَ منبراً لمراوغٍ
يقتـادُ في أهـوائـهِ الصبيانا

ويضمُّ أحلامَ السفيهِ لشرعهِ
ويُشــيدُ في تـزيـيـفه بنـيانا

ماذا جرى والعُربُ كانوا أمّةً
تـلِدُ الفخارَ وتُرضـعُ التحنانا

كانوا سِراعاً للضعيفِ بنُصرةٍ
وكـِرامَ بـذْلٍ للنـدى عنوانا

وشهادةُ التاريخِ بعد محمدٍ
هم خيرُ من فتحَ البلاد مكانا

ماذا أصابَ بني العروبة إننا
مثل الغريقِ وقد بكى الشُطآنا

وكأنّنا ويَدُ الأعاجمِ فوقنا
حبـِّاتُ رمـْلٍ فـي الـرياح خُطانا

كلُّ المصيبةِ في مذاهبِ قادةٍ
عشقوا المُجونَ وأرخصوا الإيمانا

واستبدلوا بالدِّينِ كلَّ دنيئَةٍ
لِيكونَ مجدُ وجودهم ديَّاناً

ويُخدِّروا بالموبقات علی المدى
نشْأً تُراوده التقى أحيانا

تلك الحكوماتُ التي من شأنها
أن تستبدَّ ونعبدَ الشيطانا

قد أوغلوا في ظلمهم وتألبّوا
وتآلفوا كي يفرضوا الإذعانا

في تونسَ الخضراءِ أحرق نفسه
رجلٌ تعاورهُ الشقاءُ زمانا

فتضافرت أيدي الشعوب مُلحَّةً
أن يجعلوا مجد الرئيس مهانا

فسعت أياد بالخفاءِ تصونه
خوف الورى أن يشعلوا بركانا

فأتوا بمرضيِّ الجناة يقودهم
ليُقيمَ شِرعاً يجحدُ الإحسانا

وعلى رُبا اليمنِ السعيد تآمرت
زُمَرُ التمرُّد والزعيمُ رِهانا

أن يملكوا الشعبَ الأبيَّ وأرضَهُ
ليُمالَئوا الأعداءَ والخلَّانا

يُسْدونَ للشيطانِ أعظمَ خِدمةٍ
في حَجبِ مَهدِيِّ الخلاصِ ضَمانا

وعلى طرابلسَ الجريحةِ غُمَّةٌ
ملأت صدورَ العالمينَ دُخانا

ولمصرَ أنـَّاتٌ تـعالـت كلـَّما
صَرخَ الضميرُ وهيَّجَ الأشجانا

ما بين داعيةٍ هوَتْ أركانُهُ
وفويسقٍ أمسى بها خَزيانا

سدَّ المنافذَ عن فلسطينَ التي
من قبلُ ضيَّعها الرجالُ هوانا

وعتا على أهلِ الكنانةِ حاقداً
وكأنهم قد أعلنوا العصيانا

قد سارَ للتطبيع مثلَ مباركٍ
والسـابقـين كـنـاصرٍ إعـلانا

لكـنـّه من رِقـّةٍ في طـبـعـه
أهدى اليهودَ جزيرَتَيْ ثيرانا

أوحى له الاعداءُ في سينائكم
قبر ُ الكليمِ ومحفلُ الروزانا

أن خلِّها نأمنْ لِتأمنَ غضبةً
من سيِّدٍ إن قال لا يتوانى

أو نَرمينَّكَ خلفَ شمسٍ لم تغبْ
ونمكِّنَ الجانينَ منكَ سوانا

فتجرَّأ العبدُ المطيعُ لربّهِ
يُخْلي الديارَ ويُسكنُ العُبدانا

أمّا العراقُ ففيهِ ظلْمٌ عدْلُهُ
أنّ المغولَ بدَوا أشدَّ حنانا

أمّا الشآمُ فمربطُ الفَرَسِ التي
قامَ الرهانُ لأجلها حيرانا

بلـدٌ تعـهـَّد هدمـَهُ متآمـرٌ
ذو سلطةٍ قد شابَهَ الحيوانا

وهو القميءُ أتى بحُلَّةِ سيِّدٍ
يُرضي الجهولَ فيستحيلُ جبانا

وأبوه حابى المارقين تودداً
للغاصبين ليُصبحَ السلطانا

حشدَ الحشودَ من الزناةِ تصونه
ليُقيـمَ أمناً لليهود مُـصـانا

نذلٌ كصاحبِ مصرَ إلّا أنه
في سدّةِ الشامِ العليّةِ كانا

قومٌ تلوّثَ بالقذارةِ فكرُهم
والحقد فيهم مهجةً ولسانا

أهـلُ الكنانةِ والشــآمِ أعزّةٌ
لولا الحُداة لسيَّلوا الصُوّانا

سل عينَ جالوتٍ وحطينَ التي
برزَ البواسلُ فيهما أُصلانا

شعبانِ لو سارا معاً لتفتَّقت
أكمامُ مجدٍ يُخضعُ الميزانا

أسفي على السودان ساعةَ حملهِ
إذ واطؤوه فأجهضوا السودانا

والمغربُ العربي محضُ مُشاهدٍ
لا يستطيعُ فدىً ولا فدَّانا

وكذاا الجزائرُ مثلهم في غفلةٍ
ناموا على كتِفِ الفرنجِ زمانا

أين الأميرُ وقد أضاعوا مجده
يا ضيعةَ المليونِ حين تفانى

ويدُ الحجاز بغيّةٌ في أهله
تستعمرُ البيتَ الحرامَ كيانا

وتقوِّضُ الثوراتِ بعد قيامها
وقد ادَّعت بفِعالها الإحسانا

لكنها غرقت بسـيْلِ نجاسـةٍ
ودمٍ يسيل على ثرى من كانا

يا أيها العربُ الكرام توحدوا
وذروا الشقاق وحكّموا القرآنا

ودعوا السفاسف إنها ما صاحبت
ذا عزة في الناس إلا هانا

كلُّ الدروب إلى ال
قلوب عصيّةٌ
إلا المحبة والهدى تغشانا

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى