مطوّق بالغربة والمنفى
سمير حماد – سوريا
في زمن مضى , وربما في الزمن الآتي،
ليس الغريب ان تكون ميتاً ،
أو أن تكون حيّاً ،
بل الغريب والأشد غرابة ،
أنك لا تشعر إن كنت حياً،
أو أنك ميّتٌ ،
والغريب الغريب , أنك لا تشعر ,أيضاً ،
أن من حولك رهطٌ من الأحياء ،
أو مقبرةٌ تعجُّ بالأموات ،
مطوّق أنت بالغربة والمنفى ,
وبالغرباء والمنفيين في آن ،
تخاطبهم بالإيماء حيناً ,
وبالهمس حينا آخر ، دون أن يسمعك أو يراك أحد ،
ولا يجيبك أحدٌ إن سألت،
تسمعهم يهمسون ولا تفهم , ولا يريدونك ان تفهم،
تتعمد ان تجعل كل ما حولك مخفياً،
وهكذا يفعلون،
تبحث عن أشياء أمامك , ولا تراها ,
تبحث عن أناس يتعمّدون الا تراهم ،
غريب جداً , أن تمضي حياتك هكذا،
كم ستصيبك الدهشة والحيرة ,
عندما تعرف , أن كل ماتراه وتسمعه ,
وكل مايجري امامك ,
هو الواقع نفسه، وبعينه،
وبأن هؤلاء الذين يهمسون ويخافون ويهربون …
هم أحياء أمامك ، وهم الواقع ايضاً ..
وانك أنت، أنت ، دون زيادة او نقصان ،
لست جزءاً من الواقع ، بل الواقع كله…
أنت قابيل وهابيل في اللحظة عينها ،
الغرابة ذاتها،
أنت صانعها , وضحيتها.