الإبداع،،،، رضيعُ الحريَّات

د. ناديا حمّاد | دمشق

تحت مفهوم” الحريّة ” المطلق والفضفاض هناك مفاهيم متفرّعةأقلُّ ضخامة وأكثر وضوحا وتحديدا .. مثل حرية الاختيار، وحرية القرار، وحرية التفكير، وحرية التدبير، وحرية الإقدام، وحرية الإحجام .. و ..و ،،

ونحن نفتقد أكثرها…

كنّا زمان نخاف من الاختلاف في الرأي مع الأكبر سنا أو الأكثر علما (وإن كان اختلافا راقيا) ..فكلٌّ حسب موقعه الاجتماعي او العائلي فكان الصمت والإذعان ..

هذا (النظام الأخلاقي) كان يسري أيضا داخل المؤسسات التعليمية والتي يتكون فيها “وعي الأجيال” وصولا إلى المستوى الجامعي الذي يكتمل فيه نضج الطالب . وهناك يظل الطالب الجامعي يُعامل كتلميذ ، إذ ليس مقبولا منه أن يناقش او يتساءل ، غير ما يتفوّه به أساتذته ليبقى متلقيا دون اعتراض ،،

. .

وتكون الامتحانات كلها لقياس قدرة الطالب على التلقي واختزان المعلومة كما هي ، معزولةً عن أي سياق معرفي يحوّلها إلى “منهج تفكير ” ..

هنا كان لزاما أن نرسخ في الأذهان ما يلي :

أنّ المعلم هو أحد مصادر التعليم و ليس المصدر الوحيد ،،،

وأنّ إحدى مهمّات المعلم تسهّيل وصول الطالب إلى المصادر الأخرى المتعددة. وتنميتها ..

وأن يساعد أيضا في تعليم الطالب كيف يعيش بإيجابية مع الآخرين..

وأن يكتشف مواطن الإبداع في طلابه ويوجهها… و طبعا هذه طلبات فوق طاقة المعلم في بلداننا.. لأن هذا كله مرهون ومرتبط بالوضع الاجتماعي والمادي والنفسي الذي وصل إليه المعلم في المؤسسة التربوية..فأنت لا تستطيع أن تطلب منه كل ذلك دون أن تؤهله وتهيئ له الظروف المادية والمعيشية والاجتماعية المقبولة….

إنّ أسلوب التلقين والحفظ “الصم ” الذي يتم في مؤسساتنا التعليمية يلغي دور العقل ويرسخ “الإرهاب الفكري”، ويعزل المتعلّم عن الإطار الكلي لواقعه، وبالتالي يعوق قدرته على المشاركة في التنمية .

فيصبح العقل عبارة عن أداة ترديد وحفظ بدلا من أن يكون وسيلة تحليل ومعرفة ونقد…

ولن يتم ذلك إلا إذا أطلقنا سواعد أبناءنا وعقولهم للريح ..وعالجنا وضع المعلمين والكادر التربوي وأسسنا لنهج تعليمي مغاير ومتطورو مرتبط بتكنولوجيا المعلومات والأرقام لينطلق عقلهم في عملية البحث و التساؤل و النقد و والإبداع …

الإبداع لن يتأتى من مكبّلين بسلاسل التخلّف ، ولا من مسلوبي الإرادة والقرار ..

بل هو نتاج الحرية وهو رضيعها …

إنّه قمرها الذي لايغيب …

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى