قبل أن تكسرني يد الرياح.. سرد تعبيري

رشا فاروق | شاعرة من مصر

مولعة أنا بحكايا الشتاء المصقولة بالغموض.
حكايا كان يرويها لي أبي في لياليه الماطرة حول بقعة من نار يتسلل منها الدفء إلى مفاصل الجسد ..
تغدو عيوني نحو نهر كلماته كأنها متسربة من كتاب للأساطير، تتقوقع فى خيالاتي البريئة فتبني لي مدينة من ورد الأحلام خارج حدود الواقع المالح، بتفاصيلها البسيطة المصحوبة بضحكاتي، همساتي ولمسات حانية من غصن شجرة أيامي التي كلما نظرت إليها ربتت على أجنحة كتفي فأصبح طائرا محلقا يرفرف في سمائه بمشاعر أمان وفرح .
أرى تقاسيم وجهه الملائكي فتزدهي بها لوحة قلبي.
تنتشلني أضواء أحاديثه المنسكبة بلغة الاحتضان تحميني من العتمة وضبابية أقفاص غابة مجهولة النسب، محاطة بالخفافيش والأفاعي الماكرة من كل زاوية حتى لا تتسلل خلسة تتوسد مرايا طفولتي، تغتالها بلا شفقة بأصابع متحجرة تحصي عدد أمنياتي، تطحنها، تنثرها فُتاتا لغربانها المتوارية خلف خيوط شمس زائفة ..
أعود فأسترق السمع لموطن دندنات نافذة إلى مسامعي من أوتارك الرخيمة الممتلئة بالمحبة والشجن. وأتغرغر بحروفك الدافئة كي أُبعد لسعات البرد الصاعدة من جمرات روحي
قبل أن تكسرني يد الرياح بما لا تشتهي الأنفس وتقتلع درعي الواقي، تصنع من دموعي مطرا مشتعلا لشتاء قادم يغير محطات رحلتي،
يغلق نوافذي الحالمة ..
يضع فواصل ونقاطا لفصل جديد من رحلة الحياة بحبر الوريد ..
تتصاعد غيمات وحدتي ممزوجة بأغنيات الحزن المخبأة بين شواطئ نبضي المتوّج بسماء الرحمة
إلى حين تحرر أناي من هذيان الوجع وأصبح قصيدة حالمة باليقين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى