زلازل في منصات التواصل

عليّ جبّار عطيّة

أدت منصات التواصل الاجتماعي خدمات كبيرة للجمهور خاصةً في أوقات الحروب الحارة والباردة والنزاعات والأوبئة وآخرها جائحة كورونا، حين اضطر بنو آدم إلى العزلة الإجبارية، وصار من المتعذر التواصل المباشر مع الآخرين خوفاً وطمعاً، والجيد في المسألة أنَّ التواصل عن طريق العالم الافتراضي كلفته يسيرة يستوي فيها ذوو الشعر الأشقر والشعر الأسود ، فإذا أردتَ الترويج لبضاعتك حبةً كانت أم قبةً ، أو لنفسك، أو الإعلان عن خبر سعيد أو حزين أو بينَ بينْ فما عليك سوى أن تزف ذلك بأي حساب لتصل رسالتك أو منشورك إلى مَنْ تريد أو لا تريد !
لكن يبدو أنَّ منصات التواصل الاجتماعي لا تخرج عن دورة حياة الطبيعة التي درسناها في المناهج الدراسية المقررة فهي كمراحل عمر الإنسان إذ بدأت صغيرة ثمَّ استد ساعدها ثمَّ وصلت إلى مرحلة القوة والنشاط ثمَّ بدأ الانحدار !
تقول خبيرة الإعلام الجديد بجامعة سنغافورة الوطنية ناتالي بانغ حسب تقرير للبي بي سي : كل منصة تسير على منحنى النمو، ثمَّ النضوج فالانحسار.
وتضيف : الانحسار يعود في معظمه إلى أنَّ هناك منصات جديدة تحل محلها، وترى ان نمو الفيسبوك وتويتر كان أكبر بكثير مما يمكن أن تستوعبه السوق خلال مراحل وباء كورونا العصيبة حيث كان الملايين من الأشخاص عبر أنحاء العالم يمرون بتجربة الإغلاقات، والحجر الصحي، وتقييد حركتهم أما الآن، فقد حان وقت إعادة ضبط الأمور.
معلومات أخرى أخذتها من التقرير آنف الذكر منها أنَّ شركة ميتا المالكة لمنصة فيسبوك أقالت ١١٠٠٠ شخص ومنصة تويتر سرحت ٣٧٠٠ شخص والرقم يمثل نصف القوى العاملة لديها، كما قلصت شركة أمازون ١٣٦٠٠٠ وظيفة.
والأدهى أنَّ الشركات المالكة لغوغل وفيسبوك وأمازون تعرضت إلى خسائر في قيمتها السوقية بلغت أكثر من ثلاثة تريليونات دولار في البورصات الأمريكية سنة ٢٠٢١م.
أما الأسباب فكثيرة منها تباطؤ الاقتصاد العالمي، وضعف الإعلانات، وازدياد المنافسة لظهور منصات أخرى مثل تيك توك .
حين أطلق مارك زوكربيرغ وزميله إدوارد سافيرين منصة الفيسبوك في جامعة هارفارد سنة ٢٠٠٤َم هل كان يخطر بالبال أن تتجاوز أرباحه سنة ٢٠١٩م السبعة مليارات دولار أمريكي من الإعلانات الممولة ثمَّ تبدأ الخسائر مع حلول جائحة كورونا.
يا ترى هل نشهد زلازل إلكترونية تعيد الناس إلى عصر التواصل البريدي ؟
وكم نحنُ مشتاقون إلى طرقات ساعي البريد؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى