أدب

أوراق الخريف.. ساحرة النيل (٤)

بقلم: شرين خليل
أخبرنا والد أمل أنها تمت خطبتها لابن عمها .. كان خبر صادم نزل على رأسي كالصاعقة..
لم أتخيل أن تخدعني أمل ..
لم تنطق أمي بكلمة واحدة وخرجنا في صمت رهيب والدموع متحجرة في عيني…
طلبت من أمي أن تذهب إلى المنزل فأنا أريد أن أجلس وحيداً في مكان هادئ…
ذهبت أمي وخالي معها ..
جلست على شاطئ النيل في المكان الذي كنت دوماً أتقابل مع أمل فيه وهي عائدة من المدرسة كنت أنتظرها واقفىأراقبها وانظر إليها من بعيد لم نتحدث بشكل مباشر ولكنها كانت تشعر بي فنظرات الخجل التي رأيتها في عينيها كانت تدل على أنها تبادلني نفس الشعور ..هذا المكان يحمل ذكرياتنا معا وذكريات حبي البرئ ..فالمكان رائع والمناظر خلابة والطبيعة هنا تأسرك وتأخذك على عالم آخر …
وعلى الرغم من ذلك فالحزن بداخلي ينتصر فمنذ وفاة أبي لم أشعر بالفرح …
صراع يدور في عقلي هل خدعتني أمل عندما أخبرت زينب أنها موافقة على الإرتباط بي؟..
ما الذي حدث في يوم وليلة؟؟.
لابد أن أعرف …
ذهبت إلى منزل خالي وطلبت من زينب أن تذهب مرة أخرى لأمل وتتحدث معها وتعرف منها ما السبب الذي جعلها تفعل بي ذلك؟..
مرت أيام وأنا أنتظر رد زينب ..
وأمي لم تتحدث معي في هذا الموضوع..
جاءت زينب ومعها الخبر الصادم ..
قالت لي : ماتزعلش يا إسماعيل كل شئ نصيب في الأول والأخر..أنا مش عارفه أقولك ازاي ..
-قولي يازينب واتكلمي ..ريحيني الحقيقة مهما كانت صعبة بس بتريح….
-بص يا إسماعيل أمل مش معترضة عليك خالص بس..
– بس ايه يازينب!!
-أهلها رافضين عشان عمتي السيدة ..
-مالها أمي؟؟معترضين ليه؟؟
-بيقولوا إنها ست صعبة وماتتعاشرش ومش هاتعيش أمل في راحه وطول عمرها ست مسترجلة ووووو…..
– وايه يازينب؟؟
-وعليها عفريت ..
-عفريت !!
-ايوا يا إسماعيل دا الكلام اللي قالته أمل ليا وبتقولك هي آسفه دا غصب عنها هي ماتقدرش تعصي أوامر أبوها وأمها..
-يعني أمي هي السبب؟؟
-بلاش تقولها يا إسماعيل عشان ماتعملش مشاكل..
-إنتي كمان خايفه منها يازينب ؟
-بصراحة أيوا ..أنا بخاف منها..
– متخافيش يازينب مش هاقولها لأنها عارفه وعشان كده ساكته ماكلمتش معايا في الموضوع دا من ساعة ماجينا…
-هاقولك حاجه يا إسماعيل ؟؟
– قولي يازينب..
-أمل قالت لي إنها ممكن تتجوزك في حالة واحدة بس ..
-إيه هي ؟
-إنك تسيب والدتك وتعيش في بلد أمل …أنا بصراحة ماكنتش عاوزه أقولك الكلام دا بس حسيت إنها أمانة ولازم أوصلها.
-عادي يازينب أنا حياتي من يوم ما أبويا مات وهي ضلمة ومؤلمة حتى بعد ما أمي بدأت تتغير في معاملتها معانا بعد سفر حامد ..نصيبي كده يازينب ..قولي لأمل إسماعيل مش هايقدر يسيب أمه اللي ربته وحرمت نفسها من كل حاجه حلوه عشانه.. وشكراً ليكي يازينب..
-مع السلامه يا إسماعيل…
تركتها وذهبت إلى المنزل وبدأت معاناة أخرى ..معاناة الفراق والنسيان …كيف لي أن أنسى حباً أضاء لي طريقي المظلم..
وأحيا الأمل بداخلي..كيف لي أن أنتزع هذا الحب من فؤادي..واقتل الشوق والحنين..
مرت الأيام والليالي وحالتي تزداد سوء، أُخفي مابداخلي ويظهر في عيني ..وفي يوم وجدت أمي تقول لي : تعالى يا إسماعيل عاوزاك..
-نعم يا أمي..
-أنا حاسه بيك يابني..وشايفاك مش بتاكل كويس وبتهلك روحك في الشغل ..أنا عارفه انت بتعمل كده عشان تنسى أمل..
-أأأمل…خلاص دا موضوع انتهى..
– لا ما انتهاش واوعى تفكر إني معنديش قلب ..لا يابني عندي قلب وبحبك إنت وإخواتك وكل اللي عملته عشان كنت خايفه عليكوا..بص يابني روح لأمل ووافق على شروطها..
-ازاي بس يا أمي دي عاوزاني…
-عاوزاك تسيبني صح؟
-مين قالك؟
– أنا عارفه الناس بتقول ايه عني عشان كده بقولك روح لها يابني ووافق وبعدين ما انت هاتكون معايا في الشغل والبلد مش بعيده دي ١٠ دقايق من هنا ..
-أنا مستغربك يامه..
-عاوزاه أفرح بيك يابني ونفسي حامد كمان يرجع ويتجوز..وفؤاد يخلص تعليمه ويتجوز هو كمان وأشوف عيالكو وأحس إن تعبي مارحش هدر..
-يعني مش هاتزعلي مني ..
-لا يابني خد خالك مصباح وروح ولما تتفقوا هاروح معاك نقرأ الفاتحة ونقدم الشبكة وربنا يسعدك يابني…
لأول مرة في حياتي أشعر بحب أمي وارتمي في حضنها وأقبل يديها وقدميها…
ذهبت إلى أمل واتفقنا وبدأنا في تجهيز كل شئ يخص الزفاف..واقترب الموعد ..
وأرسلت خطاب لحامد لكي يأتي:
أخي الحبيب: حامد..
اقترب يوم زفافي وأريدك بجانبي فأنت أقرب الناس لي..
حامد لو عرفت مافعلته أمي معي لن تصدق..فلقد أصبحت إنسانة أخرى…
يملأ قلبها الحب والحنان ..
أرجوك أن تأتي ..
فأمك تشتاق إلى رؤيتك…
أرسلت الخطاب ولكن لم يصلني أي رد ..وتمت الزيجة …
وأصبحت أمي وحيدة ..
فؤاد يذهب إلى الجامعة في محافظة بعيدة ولا يأتي إلا في الأجازات فقط ..وحامد انقطعت أخباره…
وأنا أعيش في بلد أمل ولم تكتفي أمل بذلك فلقد طلبت مني أن أترك العمل مع أمي ويكون لي عملي الخاص وساعدني والدها في ذلك وأعطاني محل في المنزل الخاص بهم …وبدأت علاقتي بأمي تنقطع حتى وجدتها أمام المحل تبكي بشدة وتصرخ وتقول : الحقني يا إسماعيل..
أخوك يا إسماعيل …
إلحقني يابني ..
ووقعت على الأرض وبدأت تتصرف بغرابة تحمل التراب وتضعه على رأسها وهي تصرخ وتقول : ولدي ….ولدي…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى