كُلُّ مَعْنً فِي الْوِجُوْدِ يُمَثِلُ مَدِيْنَةً بِحَالِهَا وَكُلُّ مَدِيْنَةٍ تُمَثِلُ كُلِّيّةٌ قَاْئٍِمَةٌ بِذَاتِهَا وَلَهَا حَدُوْد لَاْ يَنْبَغِي اسْتِهْلَاْكِهَا كِيْ لَاْ يُعَكَر صَفْو الْمَاْءِ الجَاْرِي؛ إِلَاْ أَنَّ فِي كَثِيْرٍ مِنَ الأَحْيَاْنِ تُغْتَاْلُ المَسَاْفَة بِيْنَّ الحَدَيْنِ جَهْلَاً، تُخْتَلَطُ الْبِقَاعُ رُغْمَاً عَنْ تَبَاْيُنِهَا، وَيُلَوْثُ النَقَاْءُ بِدُجْنَةٍ لا قِبَلَ لَهَاْ.
وَعَلَيْهِ فَإِنَّ بَعْض الْمَفَاْهِيْمِ قَدْ غُلِّفَتْ بِرِدَاْءٍ مُغَاْيْرٍ حَتَى عُرِفَتْ بِهِ دَاْفِنَةً فَحْوَاْهَا قَصْرَاً، كَمَاْ “الْوَقَاْحَةُ” الْتِي بَاْتَتْ تُعْرَفُ بِالْجُرْأَةِ، وَ”انْعِدَاْم القِيْمِ” بِالْتَحَضُرِ، وَ”الْتَعَرِّي” بِالْثَقَاْفَةِ…إلخ، جُلَّ هَذِهِ الأُمُوْرُ مَاْ هِي إِلَاْ مَوْجَةٌ كَبِيْرَةٌ مِنَ التَخَلُفِ الحَضَاْرِي والفِكْرِي فِي مُحَاْوَلَةٍ لِتَقْلِيْدِ الغَرْبِ؛ فَمَا اسْتَطَاْعُوْا بِذَلِكَ تَقْلِيْدُهُمْ وَ لَاْ العَوْدَةِ لِأُصُوْلِهِمْ،حُصِرُوْا فِي أَلْلَا مَكَاْن تَحْتَ أَفْيَاْءِ الْذُلِ وَالفَسَاْدِ ثَمَّ لِيُرْضُوْا أَنْفُسَهُمْ تَدَرَعُوا بِالْزَيْفِ وَأَدْلَعُوْا حَرْبَاً يُغْتَاْلُ فِيْهَا كُلُّ مَنْ تَمَسَكَ بِنَهْجِهِ؛ وَكَأَنَّ بَعْدَ كُلِّ هِذِه المَعَاْرِفِ وَالْحَضَاْراتِ عَاْدَتْ البَشَرِيَةُ إِلَى وَاْدِي الْصِفْرِ الْذَي لَاْ خُرُوْجَ مِنْهُ بَعْدَ ذَاَكَ،
فَلِكَمْ أَنَّ الإنْسَاْنَ عَجِيْبٌ وَمُرِيْبٌ فِيْهِ شَيْءٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فِي الوِجُودِ لَكَنَّهُ يُصِرُ عَلَى تَرْكِ عَقْلِهِ خَاْوِيَاً، مُعْتَمَاً بِلَاْ أَيّ قَبَسٍ يُسْتَنَاْرُ بِهِ.