هل توجد حدود لإدراكنا؟
ظهير طريف فالح | العراق
ما يثير استغرابي هو تأييد بعض الفلاسفة لفكرة ان الادراك البشري ضعيف بشكل مطلق. فمن المفارقة انهم يعتمدون على نفس الادراك لاثبات هذه النقطة، الحكم على الادراك يتطلب ادراك موثوق لتقييمه. ولو كان الإدراك البشري ضعيف فكيف يمكنهم التأكد من صحة حكمهم عليه؟
وقد انقسم هؤلاء الفلاسفة إلى قسمين وهنالك نقطة مشتركة بينهم و هي اتفاقهم على ان الإدراك البشري مقيد بحدود. فالقسم الأول (مثل ديفيد هيوم) أيد فكرة أن الادراك البشري مقيد بالحواس. والقسم الثاني (مثل آرثر شوبنهاور) كان مؤيد لفكرة بأن الادراك البشري يخضع لارادة الرغبات بصورة عمياء.
وتشخيص القسم الأول هو الأقرب للصواب، لكن يجب ان نوضح بأن هنالك التباس بين مصدر الإدراك و قيود الادراك. فمصدر الادراك هو الحواس وما يؤيد قولنا بأن الكائن الحي المدرك لو تعلق جسمه في خلاء و عيناه مغمضتان وأعضاء جسمه متباعدة بعضها عن بعض بحيث لم يحس شيئا من الأشياء (كما تصور ذلك ابن سينا) لتعطلت ملكة ادراكه كل التعطيل. فمصدر الإدراك هو الحواس، ولكن حواسنا مكيفه لتستشعر الأمور البسيطة داخل الحياة بصورة صحيحة فمن المنطقي ان تخطئ عندما تقوم بمحاولة الاستشعار للأمور المعقدة.
فلا يمكننا القول بأن للادراك البشري علة في ذاته. بل وإن إدراكنا يقوم بوظيفته بالشكل الامثل تبعا للصورة التي استشعرتها الحواس، سواء كانت هذه الصورة معقدة أو بسيطة هو قادر على تحليلها بسبب الآلية التي يتبعها في الاستنتاج و التحليل .