الروائية مريم هرموش تصدر طبعتها الثالثة من “ذلك الغريب”
مصطفى عبدالله | القاهرة
صدرت الطبعة الثالثة لرواية “ذلك الغريب” للروائية اللبنانية مريم هرموش عن دار النهضة العربية للنشر والتوزيع بالقاهرة التي سبق لها أن أصدرت الطبعتين السابقتين من الرواية، والتي تتيحها لرواد معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الرابعة والخمسين التي تبدأ بعد أيام، بجناحها رقم B 64 صالة 1.
واحتفالًا بتدشين هذه الطبعة الثالثة من “ذلك الغريب” جمعنا، قبل أيام، لقاء بمؤلفتها مريم هرموش ضم: الروائي والفنان التشكيلي أحمد الجنايني، رئيس اتيليه القاهرة الذي فاجأنا بتصميم جديد لافت لغلاف هذه الطبعة، والروائي الدكتور طارق منصور أستاذ التاريخ بكلية آداب عين شمس، والناقد الدكتور شريف الجيار الأستاذ بآداب بني سويف وعضو لجنة الدراسات الأدبية واللغوية والنقدية بالمجلس الأعلى للثقافة، وكاتبة القصة القصيرة الدكتورة مِنَة الله سامي، محررة نشرة الأخبار الإنجليزية بفضائية النيل تي في، التي هنأها الحضور بمناقشة أطروحتها للدكتوراه في كلية العلوم بجامعة عين شمس. وفي تقديمي الذي تصدر للطبعة الثالثة من “ذلك الغريب” قلت إن:
“مريم هرموش.. روح وثَّابة تَغمِسُ ريشتها في أَتونِ الهَمِ البشري لتكتب رواية تدرك أنها إبداع إنساني قبل أن تكون أدبًا نسويًا، لأنها وهي تكتب إنما تراهن على الإنسان، لا على الـ “جندر”، حتى وإن كانت في روايتها “ذلك الغريب” – التي بين أيدينا طبعتها الثالثة – تخلق رجلًا في أبشع إهاب، وترسم ملامح نساء من ضحاياه، أو هن ضحايا أقدارهن أو بؤسهن.
إنها كاتبة لا تنصت إلا لصوت إبداعها الذي تثق فيه كل الثقة، ولا تكتب إلا تجربتها التي عاشتها بنفسها – سواءً في مسقط رأسها لبنان، أو في أهم مدن أوروبا التي ارتحلت إليها منذ طفولتها قبل أن يستقر بها المقام بيننا هنا في مدينة القاهرة التي فتحت لها أحضانها، ورحَّبت بها وبموهبتها من خلال كبريات مكتباتها ومحافلها الثقافية وألمع نقادها فرحًا بموهبتها التي أبت أن تطرحها على من يتلقاها إلا وهي في أوج نضجها.
ولكون مريم، بما تتمتع به من ثقافة عريضة ونهم لا يتوقف للمعرفة، وما تمتلكه من ذائقة قادرة على التمييز بين صنوف الكتابة ومستوياتها المختلفة، فقد حدَّدت بدقة موقعها على رقعة خريطة الإبداع السردي، لا في وطنها العربي فحسب وإنما في العالم بامتداده ورحابته. فهي تدرك أن قيمة العمل الإبداعي لا تقاس بحروف لغته فحسب، وإنما بما يضمه من شحنة يمكن أن تلمس وجدان متلقيه.
ومنْ يقترب من الروائية مريم هرموش يتصور أنها لا تعيش إلا من أجل الكتابة التي وهبتها جُلَ اهتمامها حتى أنها كثيرًا ما “تتشرنق” لتكتب عملها حتى لا تصرف انتباهها إلى أمور الحياة الأخرى، ولكن الحقيقة أنها في هذا الأمر إنما تقتفي خطى كاتبها المفضل نجيب محفوظ الذي كان يمنح إبداعه وقته الذي لا يمكن أن يجور عليه شيء آخر، في الوقت ذاته الذي لا يحرم نفسه من مخالطة الناس من حوله ليظل على صلة بما تمور به الحياة من متغيرات.
ولهذا فقد نجحت هرموش في كتابة رواية اللحظة الإنسانية التي تتحكم في مقدرات البشر. وذلك ببراعة، دون أن ترفع راية من الرايات، أو تنتمي إلى أيديولوجية من الأيديولوجيات التي تثقل في النهاية من كاهل الإبداع.
مريم هرموش لا تستمع إلا لصوت وعيها، ولا تستجيب إلا لما يمليه عليها ضميرها فهي اسمً يستحق أن يكتب بحروف من نور في مدونة الإبداع الروائي.