أدب

المنية ولا الدنية

قصة قصيرة

بقلم: نور الدين الحسيني
أسرعي يا ابنتي وتعالي أخرجي من باب الدكان الخلفي دون أن تلتفتي للخلف، قالها: صاحب الدكان للفتاة الجميلة التي كانت تبتاع من دكانه بعض ما تحتاجه من أغراض.
استغربت الفتاة لطلبه الغريب، وارتابت في مقصده!!
قال: أسرعي وإلا رجال الحاكم سيأخذونك.
عندما سمعت برجال الحاكم، دخلت الدكان وخرجت من الباب الخلفي تُسرع الخطى نحو بيتها القريب من الدكان، لعلها تنقذ شرفها الذي سيُهدر إن وقعت بأيدهم، كون حاكم المدينة رجل ظالم، نال من ظلمه الحجر قبل البشر، وكان من جملة أفعاله الخبيثة، أنه يخطف كل فتاة وامرأة جميلة يراها، أو يسمع بها، دون أن يستطيع أحد رده، أو الوقوف في وجهه .
دخلت الفتاة البيت وهي تلهث، خائفة، مرعوبة.
• ما بكِ يا ابنتي؟ مما تهربين؟ قال والدها:
• رجال الحاكم رأوني ، وهربت منهم.
• ألم أحذركِ من الخروج يا ابنتي؟
• أخطأت يا أبي، المهم ألا يكونوا قد شاهدوني.
وما هي إلا لحظات حتى سمعوا طرقات قوية على الباب.
فَتحَ والد الفتاة الباب، وإذا برجال الحاكم شاهرين سيوفهم، واقفين على الباب.
• تفضلوا بماذا أستطيع أن أخدمكم؟

قال: والد الفتاة .
• نريد ابنتك!
• ولماذا تريدون ابنتي؟
• ابنتك أساءت لحاكمنا المفدى، لذلك لابد من مثولها بين يدي الحاكم، ومحاكمتها.
• إذا ابنتي أساءت للحاكم؟ فلا بد من أن تنال جزائها العادل، انتظروني قليلاً حتى آتيكم بهذه الجاحدة.
• ذهب الوالد إلى ابنته التي كانت في المطبخ، وبيدها سكين كبيرة.
• قالت الفتاة:خذها يا أبي واغرزها في قلبي بضربة واحدة، لأن يدك أقوى من يدي.
• وهل أملك تلك القوة والجرأة التي تجعلني أغرز سكينا في قلب ابنتي الوحيدة؟ قالها: وهو يذرف دموع القهر.
• وإذا أبي لايعمل هذه المعروف مع ابنته من يفعلها؟
• ما تطلبينه أكبر من استطاعتي يا فتاتي الصغيرة.
• ما أطلبه أهون بكثير مما يطلبه الحاكم، هل ترضى أن ينال الحاكم من شرف ابنتك وأنت تتفرج،ما اقترحه عليك أهون من العار الذي سيلحق بنا يا أبي، أتوسل إليك استعجل ونفذ ما أطلبه منك قبل أن يأخذوني، حينها سأموت في كل لحظة ألف مرة.
• خطف السكينة من يد ابنته وهوى بها على صدرها وهو يصرخ صرخة الألم التي غطت على صرخة ابنته.
• هرع العسكر إلى المطبخ، ليجدوا الفتاة مرمية على الأرض تلفظ أنفاسها الأخيرة، ووالدها يقف فوق جثتها وبيده سكينة تقطر منها دماء ابنته.
• ماذا فعلت يا مجنون؟
• قتلتها، لأن التي تشتم وتهين حاكمنا المفدى وتسيء إليه لابد أن تنال عقابها العادل.

****

شيء من السيرة:

نور الدين الحسيني قاص وروائي كوردي مقيم في تركيا من مواليد قامشلي ١٩٧٣ يكتب بالعربية والكورديةله ثلاث روايات منشورةهي:زهوش-مفقودون في الضباب – لحن الاحتضار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى