كاتيوشا وحيد الطويلة.. النحت في كثافة اللحظة الفارقة

عبد الله عثمان

هناك عناوين يُحسد أصحابها عليها، إنهم يلتقطونها كمن يعثر على اللؤلؤ من وهجه الوضاء الذي يظهر كلمحة، وهنا نجد عنوانًا من تلك العناوين التي وجدت لتخلد في جدار الأدب، كاتيوشا تدليل -صيغة تصغير- لاسم إمرأة لطيفة كانت تنتظر عودة حبيبها من الحرب صار أغنية شهيرة فرضت سطوتها على الأسماع ثم انتقل ليلتصق بقاذفة صواريخ تُمكن من وصول القوة التدميرية المطلوبة في سرعة قياسية ولا تروم الدقة، وكما نعرف فسر القنابل يكمن في الكثافة، كثافة القدرة التدميرية فكلما كانت القنبلة أكبر كثافة كلما اتسع الفضاء الذي تلقي عليه ظلالها القاتمة المخيفة والقاتلة، والقنبلة هنا امرأة كتلك التي كانت تنتظر حبيبها الروسي الذي يحارب النازيين، لربما كانت تنتظر كلمة أو موقف تتحول على إثره إلى أغنية صادحة منتشية، فجاءتها الكلمة، لكنها كلمة حولتها إلى قذيفة كاتيوشا من العيار الثقيل المميت، بهذه الكلمة تحديدًا يبدأ وحيد طويلة السرد ليخطف القارئ من أول لحظة ويرمي عنه عناء انتظار الذروة، فالعمل كله ذروة، فضاء محتدم من المشاعر الدافقة والسرد المشتعل بالغيظ والألم، كثافة في المكان “صالون سيارة_ غرفة في المشفى”. وكثافة في الزمن، لحظة خاطفة يتغير فيها كل شيء، وتمضي الأمور وكأن الماضي يتصل بالحاضر ويدهس المستقبل بكل ثقله. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى