حداثة النقد ونقد الحداثة

عمارة إبراهيم | شاعر وناقد مصري

تعاني الحداثة النقدية العربية من تخلفها الذي تحقق بسبب عدم متابعة ورصد إنتاج الإبداع البشري
و بسبب عدم امتلاكها لمكونها العلمي والمعرفي الذي يرتقي جدار بيئتنا وثقافتنا التي تطورت في مناحيها الاجتماعية والسياسية والثقافية من دون نقلة مقابلة
أو لأسباب أخري عديدة نعلمها جميعا دون الخوض في تفاصيلها أو تفاصيل مسببها الأكاديمي أو التعليمي،
أو تأثير الذائقة النقدية التي توقفت عند إبداع في أزمنة فائتة
وتريد تثبيتها لكل الأزمنة القادمة في رهن ثابت وقد أبت أن تنظر إلي مستجد إبداعي مغاير
وتريد فرضه علي الجميع ولا ضرر في أن تتوقف إنسانيتنا عند زمن واحد وبيئة واحدة وثقافة راكدة،حتي تتحجر العقول وتصاب القلوب بأمراض لا يصنعها غيرنا.

وفي حقيقة الأمر نؤكد أن المشكلة كبيرة ومتعددة الشرايين المسمومة،منها السياسي،ومنها الاجتماعي،وبالطبع نتج عن هذين المجريين – الشريان المسموم السياسي،والشريان المسموم الاجتماعي – ،أن توقف الفيض النقدي الذي يجب ان يرصد كل فضاءات الكون والعالم يبحث عن مستجد معرفي
يطوره
حتي يتحقق علمه،وعن مستجد معرفي يطوره لثقافة تحدد تطور بيئته،أو إبداعي، ينصفه ويضعه في مرتبته الحقيقية ،يباهي به الأمم
مثلما يجب أن تشمله خارطة التطوير في بناه النقدي والإبداعي والفكري أيضا.

الإنسان بدأ حركة تطويره لنفسه من بدء الخليقة،حين بدأ استكشاف معارفه، يطورها إلي علم ثم علوم،وبدأ استكشاف أدوات ترفيهه ليطورها الي الإبداع والمبتكر فيه
وبدأ استكشاف كل شيء يضيفه إلي رقيه الذي لن يتوقف علي مبني جماد أو أفعال أو أرواح أو مأكل أو ملبس .

التطوير لن يتحقق من دون سنده وهو أساس مكونه الأصلي الذي بدا فيه عبر أزمنته المتفاوتة والمتعاقبة
وعليه أن يطور ما يرتديه من أدوات ولن يقف عند تراث محدد وثابت من دون الاستفادة منه حتي يمنح هذا التراث متحفيته التي تكون شاهدا علي عبقريته في زمنه هذا أو ذاك
وعليه أن يبحث عن عبقرية أخري تضاف إلي متحف إنسانيته عبر زمنه
وفي القادم يجب أن نكون كذلك حتي تستمر إبداعاتنا الإنسانية لتعيش حتي الخلود.

هذا ما يجب أن نكون عليه ، وعلي العمامة – الرمز- أن تكون في متحفها الذهبي
منقوشا عليها أسماء من أسسوا لها وبنوها، لنضع بجوارها كابا أو حتي جمجمة رأس من دون شعر يحميها من وهج الأزمنة المتفاوتة المنتهية
أو حجرات جدرانها التي فاحت منها ملوحة ورطوبة الحياة الواقفة.

الحداثة النقدية يجب أن لا تقف عند حدود المكان في زمن ما،بل يجب أن تتقابل في حارة مجاورة للإبداع الإنساني
بل تطلع علي قديمه ومستحدثه
وفي كل بيئة في الكون تضع نظاراتها علي الاشياء لترصدها،وتضع معيارها العلمي الذي يضيف لمعايير الحداثة وابتكارها الإبداعي الذي يجب أن لا توقفه ذائقة فرد أو جماعة تناسقت ذائقتهم واتفقت علي اختلافات مع جماعات أخر في كل بيئة.
وهذه مصيبتنا الكبري التي جعلتنا نتأخر عن الركب لحقب طويلة،بل جعلتنا في حراك سلبي دائم،نصنع منه معاركنا الوهمية التي لن تنتهي،وننشء منها وهم المنافع
التي تمولها وترعاها أوهام اخري مثل منفعة مادية أو أدبية لا تحد بغير متاريس الذائقة.
عمارة إبراهيم
شاعر وكاتب مصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى