أدب

المتذاري

قصة قصيرة

محمد حسين السماعنة
اختيار اللحظة المناسبة هو من أساسيات نجاح المتذاري فتوجه المعلم إلى اللوح، أو تحدثه بالهاتف، أو انشغاله بتصحيح دفاتر الطلاب…هي لحظات حرص محمد ابن أبي جمال على اقتناصها لإصدار أصوات تزعج المعلم؛ كأن يصفر، أو يصرخ، أو يموء، أو يهمهم، أو يتمتم … وكثيرا ما استغلّ محمد ابن أبي جمال الطابور الصباحي لإصدار أصوات تضحك الطلاب وتثير الفوضى، وتستفز المعلمين، وتغضب المدير.
“ذاك كان في الماضي يا محمد، كنت وقتها طفلا صغير الحجم، ضعيف الصوت، طري العود، ندي الأصابع، لا أظافر لك، وأنت اليوم مختلف جدا؛ فعيناك يابستان، وشفتاك من نار ودخان، وحروفك صلبة العود، وأنفاسك لاهبة حارقة، وصوتك مرعد! فهل تستطيع صفحة “فيس” جديدة باسم وهمي تتذارى خلفه أن تغطي وجهك لتكتب عما يقلقك ويستفزك؟
يقرأ محمد ابن أبي جمال الخيارات: لست أنت، إنشاء صفحة جديدة، الدخول إلى صفحة ثانية.
“سأختار إنشاء صفحة جديدة”
تطلب الصفحة منك إما أن تختار بين إدخال بريدك الإلكتروني، أو إدخال رقم هاتفك.
“سأختار إدخال رقم الهاتف؛ فكتابته أسهل”
يدخل محمد ابن جمال رقم الهاتف، ويضع الرقم السري القديم مع تغيير قليل فيه.
سأسمي نفسي الوردة البيضاء، لتكون بداية الصفحة بيضاء.
أرسلت الوردة البيضاء طلبات صداقة كثيرة لمن تعرفه ولمن لا تعرفه.
وكم كانت الفرحة عظيمة حين رأى التعليقات الكثيرة المادحة على منشوره الأول!
“لم يمضِ على إنشائي الصفحة نصف ساعة ونالت هذا الاهتمام والمدح! سأكتب الآن عما يقلقني، دقّ الحديد وهو حامي”.
رسالة من مارك: …
-” بهذه السرعة!؟”
لون أخضر يملأ مساحة من أيقونة الماسنجر
– نصك رائع يا محمد ابن أبي جمال!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى